لغز الهرم الأكبر

TT

سيظل هرم الملك «خوفو» أكبر وأعظم الأهرامات المصرية يثير خيال العلماء والعامة في كل مكان. هذا البناء المعماري المعجز وعبقرية التصميم الهندسي الذي وضعه المهندس المعماري «حم إيونو» تمثل لغزاً يحاول العلماء الأثريون فك طلاسمه. ولأنه أعظم بناء معماري شيده المصريون القدماء، نجد أن المتخصصين وغير المتخصصين يحاولون الوصول إلى حل لغز البناء المحير، وبداية نجد العذر لكل هؤلاء، حيث أن روعة البناء وتناسقه ودقته المتناهية تجعل الجميع يحاول الوصول إلى معرفة حقيقة الهرم الأكبر.

خرج علينا مؤخراً بعض الأشخاص الفرنسيين الذين لا يتبعون أي مؤسسة علمية ينادون بضرورة الحصول على تصريح من المسؤولين عن الآثار لعمل ثقوب بأرضية الحجرة الثانية داخل الهرم والمعروفة خطأ باسم (حجرة الملكة)؛ وذلك لاعتقادهم أن حجرة الدفن الحقيقية للملك «خوفو» لا تزال موجودة لم تكتشف داخل الهرم وأسفل الحجرة الثانية بالذات. وقد رفض المجلس الأعلى للآثار هذا الطلب والسبب معروف طبعاً، حيث أنهم وكما قلت غير معنيين بالعمل في الآثار، ولا ينتمون لأي مؤسسة علمية. والمشكلة الحقيقية أن هؤلاء الأشخاص استطاعوا الحصول على تصريح في عام 1986م، وذلك لعمل ثقوب في سطح الممر الذي يؤدي إلى الحجرة الثانية، وأعلنوا يومها أن الثقوب التي أحدثوها أخرجت رمالا مما يدل على وجود شيء هام في هذا المكان. وبعد ذلك وبينما كنت أتصفح إحدى المجلات الفرنسية وجدت صورة الفرنسيين على الغلاف بعنوان «إحنا إللي خرمنا الهرم». فهل نسمح لهؤلاء بالعبث في آثارنا دون هدف؟! وقد اتصلوا بالعديد من المسؤولين بشأن الحصول على تصريح آخر، ولكننا رفضنا تماماً حتى عندما حصلوا على تأييد أحد الفرنسيين المتخصصين في اللغة، وليس له دراية بالحقل الأثري، وممن يعتقدون أن مصر لا تزال تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي، وباءت كل محاولاتهم بالفشل.

وعندما سافرت إلى جرينوبل لحضور مؤتمر المصريات وكان يحضره آلاف العلماء استغل هذان الشخصان الفرصة وبدآ الاتصال بالصحافة الفرنسية زاعمين أنهما على أعتاب الكشف عن حجرة سرية مليئة بالكنوز داخل الهرم، وأن مصر لم تسمح لهم بثقب الهرم، وقلنا إن هذا الزعم مجرد نظرية، أي أن نسبة صحتها لا تزيد عن 1%، فهل نسمح للمغامرين والهواة بخرم الهرم الأكبر لمجرد أنهم يتوهمون أنهم على أعتاب اكتشافات عظيمة وأنهم قد توصلوا إلى حل لغز الهرم الأكبر؟! وقد لا يعرف هؤلاء أنه ما من يوم يمر إلا وتصل إليّ رسالة يزعم صاحبها أنه توصل إلى حل لغز الهرم الأكبر وبات لدي آلاف النظريات من تأليف أناس لا علاقة لهم بعلوم الآثار.

وقلت للصحافة الفرنسية: لو قمت بطلب لخرم كنيسة نوتردام في باريس فهل تسمحون لىّ بذلك؟ وهنا سكت مندوبو الصحف... إن هرم «خوفو» هو سجل حي لتاريخ العالم كله، فيه استطاع الفراعنة أن يقدموا إعجازا معماريا وفنيا لم يستطع أي معماري في القرن الواحد والعشرين أن يقدم مثل هذا العمل المعماري الجبار.. وقد أعلنت جمعية المهندسين المعماريين في نيويورك مؤخراً أن المبنى الوحيد الذي ما زالوا عاجزين أمام عبقريته هو هرم الملك «خوفو» بالجيزة إحدى عجائب الدنيا السبع الوحيدة التي ما زالت باقية إلى الآن. أليس غريباً أن يكون هو ذاته الهرم الذي حاول البعض أن يطرحه للتصويت عليه إذا ما كان يستحق أن يكون أعجوبة من عجائب الدنيا أم لا؟! ونسمع من عالم لغة مصري بأن الهرم سوف يزال اسمه من الكتب المدرسية والمراجع العلمية في حالة عدم اختياره من ضمن عجائب الدنيا! عجبي على هذا التفكير.. سيظل هرم «خوفو» معجزة المعجزات.

www. guardians.net/hawass