كلنا في القبلات عرب

TT

حسنا فعل المصريون، وهم يرفعون شعار: «لا قبلات بعد اليوم»، ذلك الشعار الذي تبنته إحدى الجمعيات هناك ـ بحسب ما نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» الأحد الماضي ـ فكل فرد يفترض أن تكون له مياهه الإقليمية كحال الدول، فلا ينتهكها أي كان إلا بإذنه، وقد حدد بيتر ماتش ـ أحد علماء النفس ـ أبعاد هذه الحدود، أو المياه الإقليمية للفرد بأنها تمتد من نصف متر إلى حوالي 4 أمتار، بحيث نسمح للذين نحبهم فقط بأن يقتربوا إلى الدائرة الحميمة التي لا تبعد أكثر من نصف متر، تليها الدائرة الثانية التي تضم الأصدقاء والمعارف والقريبين، وهي تبعد حوالي متر وربع، أما الدائرة الثالثة التي يصل مداها إلى 4 أمتار، فهي منطقة يسمح بالدخول إليها لكل الناس، الذين نلتقي بهم في شارع العمر.. وبالرجوع إلى هذا المعيار يمكن لكل واحد منا أن يدرك حجم الانتهاك الذي يتعرض له يوميا، فالأصدقاء، وأنصاف الأصدقاء، واللاأصدقاء يستقبلونه بالقبلات من دون اعتبار لما هم عليه من حالات الزكام أو ما يترتب على انقطاع المياه عن بيوتهم من روائح جسدية كريهة.

وقد كان اليابانيون والصينيون القدماء على حق، فهم لم يمارسوا القبلات إلا متأخرا بعد أن أصابتهم عدوى الغرب، حتى فرنسا ـ التي تنسب إليها أشهر القبلات ـ كان التقبيل في عهد الملك لويس الثالث عشر حكرا على الملك دون شعبه، فمن حقه وحده أن يقبل من يشاء من النساء ليمنحها بركاته.. ويبدو أن نسبة من النساء الفرنسيات ألفن هذه البركة، فاخترعت كل واحدة منهن «لويسها»، واتسعت الدائرة بعد ذلك لتعم البركة الجميع ذكورا وإناثا، وغدت شفاه الناس ممطوطة، متدلية على وجوهها في كل قارات الدنيا باحثة عن «بركة القبلات».

وأنا هنا أشيد بمؤسس جمعية «لا قبلات بعد اليوم»، الدكتور عادل عاشور أستاذ طب الأطفال بجامعة القاهرة، الذي كان صارما في منع القبلات ـ حتى القبلة السياسية ـ ولم يستثن سوى الزوجات من هذه المنع.. وأتمنى ألا تقتصر جمعيته على مصر وحدها، فمن الضرورة أن يتسع مداها قوميا، فكلنا في القبلات عرب.

[email protected]