من أطرف أخبار الأسبوع خبر نشرته صحيفة «عكاظ» السعودية عدد الاثنين 18/6/2007 بعنوان «السجن والتأديب لأطباء وفنيين راجعوا الأقسام الإدارية بتخصصي الطائف»، ومضمون الخبر أن إدارة مستشفى الملك عبد العزيز التخصصي بالطائف حذرت جميع العاملين بالمستشفى، أطباء وفنيين وممرضين، من مراجعة الشؤون الإدارية والمالية لمتابعة معاملاتهم والاستفسار عنها، وأنذرتهم بأن ذلك سيؤدي إلى معاقبتهم بالسجن والتأديب.. وقد جاء في التعميم الذي حمل عبارة «سري وعاجل جداً وهام» أن «شاشات المراقبة رصدت وجود العديد من الأطباء والممرضين والفنيين داخل مبنى الشؤون الإدارية والمالية، مخالفين بذلك التعليمات الصادرة من إدارة البرنامج».
لو صح هذا الخبر فإن ما أفهمه أن إدارة المستشفى توشك أن تقول لأطبائها وفنييها وممرضيها: «انطقوا على كراسيكم وإلا راح نلبسكم قضية».. فإذا كان هذا هو أسلوب الإدارة في التعامل مع الأطباء والفنيين فالله وحده سيكون في عون المستخدمين والعمال، إذ من المؤكد أن أوضاعهم تصعب على القلب.
فهل سأل مصدر التعميم ذاته: لماذا يراجع الأطباء والفنيون الأقسام الإدارية؟ هل في تلك الأقسام ما يغري على المشاهدة؟.. فلو أن الأقسام الإدارية قامت بإنجاز معاملات هؤلاء بالشكل المناسب، وفي الوقت المناسب، لما اضطروا إلى ترك عياداتهم لمجرد الاستمتاع بالطلعة البهية للأقسام الإدارية.. ولست أدري تحت أية نزعة استعلاء وتضخم وتوهم يلوح ذلك الإداري الذي أصدر التعميم بالمعاقبة بالسجن والتأديب، إلا إذا كان لديه «غرفة فئران» في المستشفى يهدد الأطباء والممرضين والفنيين بحجزهم داخلها، كما كان يفعل معلمو الكتاتيب القدامى.
كنت أتمنى من مصدر ذلك التعميم أن يتجه بضبطه، وربطه، وتهديده، ووعيده إلى الأقسام الإدارية في مستشفاه ليحثها على إنهاء معاملات الأطباء والممرضين، حتى لا يضطروا إلى ترك عياداتهم لمراجعة قضاياهم العالقة في الأدراج، فلولا بطء الإجراءات، وسلحفائية سير المعاملات لما اضطر هؤلاء إلى استعراض خطواتهم أمام شاشات المراقبة في الأقسام الإدارية، إذ «لو ترك القطا ليلا لنام».
إن بعض المسؤولين الإداريين للأسف تأخذهم ـ في أحسن الظن ـ الحماسة فيتناسون أن للموظف حقوقا على إدارته، وفي مقدمتها احترام آدميته، فلا يتم تهديده بالسجن والتأديب إن اضطرته الظروف لمراجعة معاملة له طال انتظارها، وما أكثر قضايا الإنسان المصيرية.. وحسبنا الله.