كان الهوى في البداية والنهاية!

TT

لم أقف في الطابور لكي أشاهد ما تبقى من آثار الفنانة المصرية الايطالية داليدا. فقد أدت الأمطار على باريس الى انكماش الطابور اليومي. الدخول مجاناً. وأول ما يطالع الزائر كتابات عن داليدا: حياتها وكفاحها وحفلاتها وفساتينها. أغانيها التي تذاع ليست هي التي استوقفتني، وانما فساتينها.. معلقة كأنها فوق سطوح على حبل غسيل. ليست جميلة. انها اشبه بقشور اختفت ثمارها.. كلمات بلا معنى. أين الدلال والجمال.. أين التي كانت تتثنى وتنكسر وتتأوه وتتأود. لم يبق منها الا هذه الغلالات.. الرمادية والزرقاء والبيضاء ـ فهذا ذوقها في اختيار الألوان..

سألت جارتي: ما رأيك؟

فلم ترد. فعرفت انه لم يبق شيء له قيمة.. فالذي له قيمة هو صوتها وأداؤها قصص عذابها وهوانها وانتحارها من عشرين عاماً. بعد ان انتحر كل عشاقها. فخلت الدنيا فقررت اللحاق بهم. وبقي أخوها يبيع ويشتري فيها كل سنة في مثل هذا المعرض، الذي تقيمه بلدية باريس.

وتذكرت فساتين أم كلثوم التي نعرضها في القاهرة. لا علاقة لها بهلة ليالي القمر.. ورق الحبيب وياللي كان يشجيك أنيني.. كأن ام كلثوم تسكن هذه الأقمشة.. وذهبت أم كلثوم وبقيت هذه الأكفان بلا طرب ولا موسيقى والله ياست.. على سيرة الحب وحب ايه..

كنت أعرف المطربة الايطالية المصرية داليدا، ولا أدعي أنني تصورت أنها سوف تكون سيدة الغناء الفرنسي والايطالي، وان يكون لها أغنية تذاع في اليوم الواحد ألف مرة.. لقد جعلتها احدى شركات المحمول لحنها المميز تسمعه في اليوم الواحد عشرات المرات في كل تليفون في كل جيب.. وليست قطرات المطر التي مسحتها من خدي. وانما بقايا دموع. فقد فقدت كثيرا من اصدقائي الفنانين والفنانات. وكانوا زينة الدنيا وبهجة الليالي، ودفء القلب ودهشة العقل.