البيضة والدجاجة

TT

يقال إن هناك رجلاً توجه مع ابنه الصغير إلى بيته الريفي، وأخذ يشرح له مباهج الحياة ويريه جمال الطبيعة، ثم أخذه إلى قن الدجاج، وأراه البيض المكسور والصيصان الصغيرة التي خرجت منه، وقال له: أليس عجيباً يا بني أن ينقف الصوص الضعيف قشرة البيضة ويخرج منها؟!

فأجابه الابن: بل العجب كل العجب يا أبي في كونه يدخل البيضة بدون أن يكسرها.

فبهت الأب ولم يحر جواباً ولا كلاماً.

فمن هنا يبدأ السؤال المتواصل الذي لا يتوقف.

لا أريد أن اجعل من هذه المقالة حصة في الفلسفة والمنطق، وتوزيع النصائح التي لا تسمن ولا تغني من جوع لمن أراد ولمن لم يرد.

فالناس لا يذهبون إلى حوض الهداية مجرورين بالأرسان كما تجر الخيل والبغال، ولكنهم يذهبون طائعين مختارين، ومن لم يذهب كذلك شك في عقله ونزاهته وضميره، وهناك من الأمور فيما لو بحثناها فلن نقف منها على شيء، غير المزيد من الأسئلة، والمزيد من تدافع الحيرة والقلق والشك.

علينا أن نسير في الأرض بطريقة صحية رياضية مرفوعة الهامة، تكشف الجمال وترسم ملامحه، وتتذوق الخير وتدخل مطبخه وتحمل قدوره وتفرش موائده، وتدعو فقراءه المحتاجين للحب أكثر من حاجتهم للخبز.

علينا أن نترك أسمال التبتل، وهزال الأجساد، وارتعاشة الخوف، وقبح المنظر، والنظرة الضيقة المقيتة، التي ترى أنها هي وحدها الممسكة بزمام الحقيقة والفضيلة، فليس هناك أسخف وأحمق ممن ادعى بذلك، وأسخف وأحمق منه من طبق ذلك تطبيقاً عملياً تعسفياً.. انه لا يبتعد كثيراً عن احد الخصوم الذين أوردت إحدى الصحف الفلبينية خبرهم وقالت: لقد لقي رجلان مصرعهما رمياً بالرصاص اثر مشادة، بعد جدل طويل حول ما إذا كان خلق الدجاجة قبل البيضة أم العكس. واستطردت الصحيفة قائلة نقلاً عن المحققين قولهم: إن أربعة من أنصار الاعتقاد القائل بأن البيضة قد خلقت أولاً، استلوا مسدساتهم وقتلوا الرجلين، بعد أن صدرت من احدهم حركة مخلة بالآداب لدى اعتقاده بفوز وجهة نظره القائلة بأن الدجاجة هي التي خلقت أولاً.

* * *

لقد سمعت بالصدفة فتاة تقول متحسرة: آه يا ليتني أشرب من ينبوع الشباب لأعود إلى سن الثامنة عشرة.. فقلت لها: انك تبدين الآن وكأنك في الثامنة عشرة.. أجابتني قائلة: كلا إنني في العشرين من عمري، فقلت لها: (سيم سيم)، ما الفرق بينهما يا حلوة الحلوين؟!

فقالت: زوج وطفلان.

[email protected]