المرأة الكويتية وقانون بعد الساعة الثامنة!

TT

أقر مجلس الأمة الكويتي، تعديلات محددة على قانون عمل المرأة الصادر في عام 1967. ورغم كون تلك التعديلات، وكما يجادل البعض، هي محددة ومحدودة، إلا أنها كانت مقصودة ومتعمدة وتهدف في غايتها النهائية إلى الحجر على المرأة وإلزامها المنزل، خاصة بعد أن حدد المشرع طبيعة العمل الليلي والجهات التي يحق للمرأة العمل بها في الفترة المسائية.

لقد ألزم التعديل الجديد المرأة (الكويتية والوافدة) على التوقف عن العمل من الساعة الثامنة مساء وحتى الساعة السابعة صباحا، مستثنيا من ذلك دور العلاج فقط. كما أعطى التعديل الجديد موظفي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل صفة الضبطية القضائية والتي يحق لهم من خلالها مداهمة المؤسسات الحكومية والأهلية (شركات أو أفراداً) للتأكد من تطبيق القانون، وإنزال عقوبات متعددة على من لا يلتزم بذلك من النساء!! والممنوحون صفة الضبطية القضائية هم من الرجال فقط!

هذه التعديلات الجديدة تخالف طبيعة القانون القديم والذي أعطى وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الحق في تحديد فترة العمل المسائي والجهات التي يحق لها تشغيل المرأة ليلا. كما أن الوزارة كانت متوائمة في قراراتها مع منظمة العمل الدولية في ما يختص بمسألة المنع والتي كانت مقتصرة على الأعمال الخطرة (المناجم والمصانع التي تصنع مواد لها أضرار صحية) من جهة، وأن مسألة العمل ليلا هي مسألة اختيارية ترتبط برغبة المرأة من جهة أخرى.

إن التعديلات سالفة الذكر تقوم على أبعاد غير دستورية وغير ديمقراطية وغير قانونية، إذ أنه يتعارض مع مجموعة من مواد الدستور (المادة 8، والمادة 29، والمادة 30) والقانون الكويتي العام في مجمل بنوده، كما أنه يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق الدولية المتعددة. ففي المادة 29 من دستور دولة الكويت، وعلى سبيل المثال، هناك تأكيد على أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين.

من ناحية أخرى، يلاحظ أن التعديلات الجديدة تهدف إلى تقييد حرية تحرك المرأة ونشاطها المهني، كما أنه يقلل من فرصة حصول المرأة على العمل، ناهيك من أنه يخلق ضررا اقتصاديا للمرأة التي لن يكون بمقدورها الحصول على ميزات العمل الإضافي والخفارات المسائية.

إن قانون 8 after يعد كارثة مجتمعية لأنه (1) غير دستوري، (2) يربط مسألة الأخلاق والقيم بمواقيت عمل المرأة، وهو ربط غير صحيح مطلقا، (3) إنه يحمل ضمنيا أبعادا وتوجهات عنصرية ضد المرأة، (4) إنه يحد من المشاركة الفعالة للمرأة على المستويين المهني والاجتماعي.

من ناحية أخرى، سيكون لهذا انعكاسات مجتمعية خطيرة على المجتمع والدولة، خاصة إذا ما عرفنا أن 56% من الشعب الكويتي هم من النساء، وأن قوة عمل المرأة في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص تصل إلى 45%.

* كاتب كويتي