أميركا.. أية صورة ستثبت في ذهن العالم؟

TT

يتساءل الأميركان في الكثير من الأحيان عن أسباب تنامي العداء ضدهم في أماكن كثيرة من العالم، وينفقون الملايين على وسائل الإعلام وغيرها لتحسين صورة أميركا في الخارج، وهو هدف مشروع لولا مساحة التناقض بين ما تهدف إليه وحالات الاستفزاز التي تصدر ـ بين حين وآخر ـ من بعض أعضاء مؤسساتها، كمشروع القانون الذي يرعاه هذه الأيام الديمقراطي هيرب كول، والجمهوري أرلن سبكتر في مجلس الشيوخ، ويؤيده 70 من أعضاء المجلس، ويهدف إلى إلغاء الحصانة السيادية التي تتمتع بها الدول الأعضاء في «أوبك»، بحيث يصبح بإمكان وزارة العدل مقاضاة تلك الدول في المحاكم الأميركية.. وهذا المشروع لا يمكن اعتباره إلا نوعا من الاستفزاز المقصود لتلك الدول ومجتمعاتها، فالأعضاء المؤيدون للمشروع يعرفون سلفا لا واقعية مشروعهم. ويعرفون أيضا أن لدول منظمة أوبك خياراتها المتعددة في مواجهة هذا الأمر، ومن هذه الخيارات ما أشار إليه السناتور بت دومينيتشي، الذي وصف هذا المشروع أو الخطة بأنها قد تضر بمصالح المستهلك الأميركي، وأن منتجي أوبك يمكنهم أن يقرروا وقف بيع النفط للولايات المتحدة بعد ذلك، ورغم أنهم سيخسرون بعض الأرباح إلا أن الاقتصاد الأميركي برمته قد يتوقف.

فمن المؤكد أن بعض دول أوبك ستتضرر إن فقدت مستهلكا رئيسيا لنفطها كالولايات المتحدة الأميركية، لكن ذلك الضرر مهما بلغت آثاره لن يصل إلى مستوى الضرر الذي سيلحق بالولايات المتحدة الأميركية التي تعتمد بنسبة 60% من احتياجاتها البترولية على الاستيراد من أوبك ومن خارجها، وكان أجدى بمجلس الشيوخ أن يعالج معاناة المستهلك الأميركي من ارتفاع أسعار البنزين إلى ما يزيد على ثلاثة دولارات للجالون، وكذلك من ارتفاع تكاليف التدفئة وغيرها بشيء من الواقعية بدلا من اللعب على الأوتار العاطفية للمستهلك من خلال رؤى غير واقعية، تأتي على حساب سمعة أميركا، وتضر بمصالحها وعلاقاتها، وليس أدل على عدم واقعية المشروع من رفض البيت الأبيض الحاسم لهذا الإجراء.

ولست أدري كيف ستمضي أميركا في بناء صورتها المحسنة في العالم إن كانت تحمل باليد الأخرى معول هدم هذه الصورة.

[email protected]