حيث لا شيء إلا التحدي

TT

قبل ان تدخل مكتب الأمير نايف بن عبد العزيز تتذكر قولاً لخبير عسكري بريطاني «بأن السعودية تخوض المعركة ضد الإرهاب باسم العالم». ونتذكر ما قاله الأمير نايف قبل اسبوعين عن أعداد المعتقلين والمشبوهين.

أصغيت إلى الأمير نايف وامامي صورة عالم عربي قال الملك عبد الله بن عبد العزيز انه مهدد بالتفكك. ولم اعرف اين ابدأ بطرح الأسئلة. لكنه اختار ان يعرض احداث المنطقة منذ اربعين عاماً لكي يسأل بعدها: «اين اخطأت المملكة وبما اعتدت او تعدت». قال: سعينا الى المصالحة بين العراق وايران الشاه، وبعد التوصل إلى معاهدة بين الدولتين مزقها صدام حسين امام التلفزيون. وقال: طلب منا الرئيس عبد الناصر ان نحارب حلف بغداد، فقلنا له ان ايران (الشاه) تجاورنا على امتداد الخليج وليس من مصلحتنا او من الحكمة الدخول معها في حرب. وعندما خاض العراق حرباً ضد إيران لم يكن امامنا خيار بل قدر وهو تأييد العراق ودعمه. لم يكن ممكنا ان نقبل بهزيمة دولة عربية أخرى، ولا بتفكك العراق. وبعد انتهاء الحرب شرحنا للإيرانيين، بكل بساطة، ما تفرضه الأحكام في ظروف لا خيار ولا قرار لنا بها.

هناك، اذن، علاقة عملية مع ايران قائمة على الوقائع. وطبيعة الوقائع، في أي علاقة بين فريقين، ان تكون معقدة. والسياسة مد وجزر، ومهمة المسؤول ان يحافظ على التوازن بينهما. لذلك تحاشت السعودية دائماً ان تكون فريقا في نزاع، لكنها ايضاً تحاشت ان تغيب كوسيط، او كحضور ايجابي. وهي تدرك تماماً عناصر وتعقيدات العالم الذي يحبط بها، ولذلك اتخذت من سائر القضايا المشتركة موقفاً واحداً. القضية الفلسطينية. والقضايا العربية. والقضايا الاسلامية: سياسياً واقتصادياً وتنمية. لقد قدمت المملكة، يقول الأمير نايف، ما يفوق «مساعدات مشروع مارشال» عشرات الأضعاف. ليس الدولة وحدها بل المؤسسات والافراد ايضاً. ولم يأتها طلب مشروع وتجاهلته او رفضته. ويتذكر الأمير نايف يوم جاء «الاخوان المسلمون» من مصر بعد أزمتهم مع عبد الناصر، ويقول فتحنا لهم الأبواب شرط ألا يعملوا في السياسة. فتحنا الأبواب امام القادمين من سورية وفلسطين ولبنان. وكان لنا شرط واحد: ممنوع الإساءة، حتى همساً إلى البلدان التي جاءوا منها.

«التزم الاخوان شرط عدم الاساءة الى مصر لكنهم راحوا يسيئون الينا. حرضوا ابناءنا على اهلهم وعلى تراثهم وعلى موروثهم الفكري. حاولنا مراراً ان ننهاهم، وكعادتهم تظاهروا دوما بالقبول. وتظاهروا بمظاهر كثيرة. واستمروا يحفرون حتى اصبح التغاضي عنهم خطأ في حق بلدنا وتراثنا وابائنا. وكان لا بد من كشف امرهم».

ويبدو نايف بن عبد العزيز ومن خلفه تحديات الأمن الداخلي وتعقيدات الأمن في المنطقة، فولاذي العصب والإرادة.