كيف يقرأ الخليجيون الرسائل الإيرانية؟

TT

وكأن إيران اثنتان، واحدة تجرح، والأخرى تداوي.. فقبل نحو شهرين نشرت مجلة «دفنس نيوز» الأمريكية على لسان وزير الدفاع الإيراني السابق، على شمخاني، تصريحا بأنه إذا هاجمت الولايات المتحدة إيران فإن الصواريخ الإيرانية لن تكتفي بقصف القواعد الأمريكية في المنطقة، بل ستقوم بتدمير كافة الأهداف الاستراتيجية في المنطقة كمصافي البترول ومحطات توليد الطاقة الكهربائية.. وأثارت هذه التصريحات في حينها غضبا خليجيا عارما، ورغم تنكر شمخاني لتصريحاته بعد ذلك ونفيه لها، إلا أنني أخال الرسالة وصلت واضحة إلى الخليجيين.

ولم تكد الزوبعة التي أثارها شمخاني أن تهدأ، حتى أثارت إيران إعصارا آخر يستهدف النيل من دول مجلس التعاون هذه المرة وسيادتها، فلقد كتب شريعتمداري مسؤول صحيفة «كيهان»، الذي يعينه مرشد الثورة الإيرانية على خامنئي، مقالا قال فيه: «إن البحرين جزء من الأراضي الإيرانية، وقد انفصلت عن إيران إثر تسوية غير قانونية بين الشاه المعدوم وحكومتي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا». وأضاف شريعتمداري قائلا: «إن المطلب الأساسي للشعب البحريني حاليا هو إعادة هذه المحافظة التي تم فصلها عن إيران إلى الوطن الأم والأصلي، أي إيران الإسلامية».

وتوالت ردود الأفعال الخليجية الغاضبة، وتظاهر البحرينيون أمام السفارة الإيرانية في المنامة، وسارعت إيران إلى تطويق الحريق الذي أشعله مقال شريعتمداري، وقامت بإرسال وزير خارجيتها منوشهر متكي إلى المنامة يحمل تأكيدات وتطمينات رسمية من قبل القيادة السياسية في إيران.

ويتوقف الكثيرون في الخليج عند لغز الازدواجية في الرسائل الإيرانية التي تتلقاها المنطقة، خاصة أن شمخاني وشريعتمداري شخصيتان لهما ثقلهما السياسي والاجتماعي في إيران، وكلاهما قريب من مراكز صناعة القرار في بلدهما، وغالبا ما ينبثق من دوامة الحيرة هذا السؤال: هل هذه التصريحات جزء من دور إيراني مؤسساتي مقصود أريد له أن يعبر من خلال هذه القنوات غير الرسمية، أم أن هذه التصريحات مجرد تغريد خارج السرب لا تتحمل مسؤوليته الحكومة الإيرانية، ولا يعبر عن رأيها؟

أعرف سلفا أن الكثيرين في مواجهة هذا السؤال سيتوزعون على ضفتي الاحتمال، ولن يعدم كل فريق أن يجد ما يكفي من المبررات، أما أنا فسوف استعير ـ هذه المرة فقط ـ ثياب الحكماء، وأقول: لا أدري.

[email protected]