أخجلني ما كتبت فمحوته!

TT

وقفت عند «رأس الرجاء الصالح» الحافة الجنوبية لقارة إفريقيا.

فأنا أسكن في بيت على شاطئ الإسكندرية على الحافة الشمالية للقارة.. والذي أراه أمامي ليست له ملامح.. بحر.. محيط.. أمواج تتلاطم وصخور ورياح تهب مرة من الشمال ومرة من الجنوب. ولا أعرف كيف وصل إلى هذا المكان الرحالة البرتغالي «دياث» من خمسة قرون.. وكيف وجد أملا في الوصول إلى الهند.. أين هذا الأمل.. لا بد أن اليأس الذي أصابه شيء رهيب، وإلا كيف هذا الهياج البحري والجوي أملا في أي شيء.

وأسندت ظهري إلى قلعة صغيرة بيضاء، والتفت أرى قلوبا رسمها شبان جاءوا إلى هنا.. وفي القلب ليلى وسلوى. إنهم عرب.. وعناوين في جدة والرياض.. وأسماء وعناوين لبنات وبنين من الإسكندرية والقاهرة.. وخطر لي أن التقط صورا وأنشرها وأسأل أين أصحابها الآن.. ولكن وجدت صعوبة في أن أهتدي إلى أحد.. أو يعترف أحد بأنه كتب اسمه واسم فلانة.. ثم إنه من الممكن أن يتبرع مئات بأنهم ذهبوا وكتبوا.

ولكن وضعت هذه الأسماء في مسلسل تليفزيوني للدلالة على أنه أحب، وكان عنده أمل قبل أن يرتكب جريمته.. ثم عدلت عن إفساد هذا المعنى.. ووجدتني غير قادر على مقاومة صفحة أمامي ثم إنهم قدموا لي قلما ضخما لكي أكتب شيئا.

وكتبت: ليس عندي ما أقوله أمام هذه الاكتشافات الجبارة لأبطال ركبوا السفن الشراعية، وواجهوا الموت ألف مرة ليكتشفوا طريقا إلى الحياة.. ووقعت بإمضائي والتاريخ.. ثم وجدت أنه عيب جدا أن أكتب اسمي مثل هؤلاء الشبان الصغار، ثم تعاونا جميعا على محو كل هذا الذي كتبت. لأنه عبث لا يليق بمن لم يعد طفلا ولا شابا.. يكفيني الموقع والحدث والرجاء الصالح!