«إمام اسطنبول»

TT

الأحد، تذهب تركيا الى الاقتراع: هل تجدد الزعامة لرجب طيب اردوغان و«حزب العدالة والتنمية» أم تذهب الى الاتاتوركيين مرة اخرى؟ الجواب لا يعني تركيا وحدها. انه يعني العراق، حيث الخوف متبادل من فيض كردي أو هجوم تركي، ويعني اوروبا التي ترقب مدى التحولات في الدولة الاسلامية الكبرى التي تطلب العضوية سلما بعدما كانت قد وصلت الى الدانوب حربا، ويعني، بالتأكيد، مجمل العالم الاسلامي، حيث يبدو نظام برويز مشرف مضطربا في باكستان، وحيث يلعب العسكريون، كما في تركيا، دورا جوهريا، من وراء الستار وامامه.

أيا تكن نتائج الأحد، يجب ان يسجل لرجب طيب اردوغان، انه لعب اللعبة السياسية مع خصومه ببراعة فائقة. فالرجل الذي كان يقول ان «الديموقراطية مثل باص تترجل منه لحظة الوصول»، اصبح يعلن «ان تركيا ديموقراطية علمانية اجتماعية وقائمة على دولة الحقوق. وليست هناك اولويات او فروقات بين هذه العناصر.

والرجل الذي كان يسمي نفسه «إمام اسطنبول» أصبح يتسامح مع تظاهرات الاتاتوركيين. وهو الذي يقود حملة الانضمام الى اوروبا العلمانية. ومن اجل ذلك اصدر مجموعة من القوانين التي اشترطتها بروكسيل على انقرة.

لكن هذا لا يعني ان اردوغان غيَّر في قناعاته أو حياته الشخصية. فهو لا يزال امينا للحياة التي نشأ عليها في حي كاسيمباسا الشعبي، حيث النساء محجبات. وقد نال جائزة البلاغة لدى تخرجه من كلية «الإمام الخطيب». وعرف عنه في شبابه تدينه، ومهارته في لعب الكرة، حتى كاد يحترف. وفي تلك المرحلة انضم الى فرقة الشبيبة في حزب نجم الدين اربكان، الذي سيرثه في زعامة الحركة الاسلامية ورئاسة الحزب، بعد تغيير اسمه من «الصراط المستقيم» الى «حزب العدالة والتنمية». وقد نقل معه الى مقر الحكم في انقرة بعض رفاق الحي الشعبي في كاسيمباسا. فوزير الدولة محمد علي شاهين كان رئيس فريق الكرة في الحي، وبينالي بلدريم وزير النقل، كان رفيقه في مدرسة الحي.

لكن البعض يتهم اردوغان بأنه نسي أو تجاهل البيئة التي خرج منها، وانه لا يتورع عن ازاحة كل من يحاول الوقوف في وجهه، محافظا في الوقت نفسه على حلفه مع وزير الخارجية عبد الله غول، الذي أسس معه حزب العدالة.

ليس في الأفق السياسي زعيم منافس. وفيما يتعلق بجوار تركيا العربي، بما فيه العراق، اظهر اردوغان الكثير من الحرص والدقة. واتخذ موقفا تاريخيا عندما رفض السماح للاميركيين باستخدام اراضي تركيا لضرب العراق، عام 2003، وربما كانت تلك اول خطوة من نوعها منذ ان بدأ التحالف الاميركي والاطلسي مع تركيا بعد الحرب العالمية الثانية. كذلك اقام علاقة حسنة مع سورية بعد عقود من التوتر الحدودي والسياسي. وشهدت تركيا في ظل حكومته ازدهارا اقتصاديا شديدا، اخرجها من مرحلة التعثر الى فئة الدول المرشحة لتصنيف «النمور».