كان وهما جميلا!

TT

لا أعرف من أين جاءني هذا الوهم: فقد كنت أتصور دائما أنه من الأفضل أن تكون للإنسان ابنة على أن يكون له ابن.. ولا بد أنني كنت أقول ذلك؟ وفي ذهني أنني عندما أكبر في السن أجد إلى جواري من يتحمل سخافة الشيخوخة والمرض وهلوسة الحديث عن الماضي والأمجاد التي حققتها في حياتي قبل ذلك.. وان الابن ـ عادة ـ ليس عنده هذا الشعور بالامتنان لأحد. فإذا كان أبوه مشهوراً فان ذلك يضايقه.. وأول ما يفكر فيه أن يتجرد من هذه «التبعية».. أي انه ابن لرجل مشهور.

حتى رأيت عدداً من بنات المشاهير وقرأت ما كتبته بنات المشاهير في الغرب. وآخر من قرأت لها هي ابنة الفيلسوف العظيم برتراند رسل..

أما بنات المشاهير في مصر فرأيت الواحدة منهن لا تملك أن تفعل لوالدها شيئاً.. وإنما هو زوجها الذي يبيع ويشتري في تراث المرحوم، وهو المتحدث باسمه، فهو الوارث الحقيقي.

ورأيت بنات المشاهير من الأدباء يقتحمن دور النشر ويقمن بإحياء تراث الوالد والحفاوة به والناس لا يريدون ذلك، وليس عندهم وقت للانشغال بالموتى عن الأحياء وعن حياتهم!!

أما ابنة الفيلسوف رسل فقد كانت حياتها قاسية جداً.. أبوها العظيم عنده مدرسة ويعلمها هي وأخاها تعليماً شاذاً.. ويفرض عليها نظريات غريبة هو وحده الذي آمن بها عن إخلاص.. ولكن هذه النظريات أفسدت حياة ابنته.. فوجدت في موت والدها حريتها المطلقة في أن تراه فيلسوفاً عظيماً فرأته شاذاً قاسياً تافهاً!!

وابنة ستالين ما الذي قالته عن والدها؟! وابنة الأديب أندريه جيد؟!

إذاً لم يبق للكاتب إلا أن يكتب هو قصة حياته.. وان يتصور نهايته وان يصف جنازته كما فعل برنارد شو.

ولذلك، فقد سجل أكثر الأدباء والمفكرين قصص حياتهم حتى لا يتسولوا الصدق والجمال من زوج الابنة أو من الابن أو الحفيد.. أو من زوجته إن وجدت عندها وقتا، أو مكانا في نفسها لرجل أفسد عليها حياتها، ويجيء موته يفسد البقية الباقية.

بعض الزوجات المخلصات فعلن ذلك..

أما زوجة طه حسين في مذكراتها التي قرأتها قبل أن تنشر فقد كانت أصدق وأشجع وأرق من أي ابن وأية ابنة في تاريخ الأدب!