هل يحتاج العراق إلى سنتين فقط؟

TT

هذا ما تقوله الخطة الأمنية السياسية الاميركية، التي سربت خطوطها الاولى الى الصحافة الاميركية. المشروع يركز على تثبيت الأمن في أحياء العاصمة بغداد خلال سنة واحدة، وبعد ذلك تكرر التجربة في بقية العراق، على اعتبار ان بغداد تمثل رئة البلاد، من خلالها يتنفس العنف او يعم السلام، فهل هي خطة واقعية؟

«الخطة ستنجح لأنها ستلبي الحاجات الأمنية بتفاصيل دقيقة لكل الاحياء، بحيث يؤهل الحي ليكون نفسه مسؤولا عن سلامته»، هذا ما يشير اليه التقرير الايجابي الذي نظنه غير واقعي. سنتان زمن يبدو متفائلا جدا في بلد ممزق بأدق التفاصيل، ووسط فوضى لا تتوقف، وأهم من ذلك بوجود لاعبين خارجيين وداخليين أقوياء أفشلوا كل المشاريع الأمنية السابقة.

تعكس الأزمة الأمنية في العراق منذ أكثر من عامين بشكل واضح حربا بين ايران وسورية من جانب، والولايات المتحدة من الجانب الآخر. دور العراقيين كان ولا يزال محدودا، إلا من كونهم مجرد عسكر يتقاتلون بالنيابة عن الجانبين. إيران ترى أمامها فرصة تاريخية للهيمنة على العراق، وسورية تظن ان الفوضى ورقة مساومة وتريد العراق ان يبقى منطقة عازلة تشغل الاميركيين عن اي هجوم ينوونه عليها. دمشق منذ البداية تتخيل ان هناك مشروعا ضدها.

بالنسبة للجانب الاميركي مشروعه يقوم منذ البداية، على التخلص من نظام صدام، كونه مسببا للتوتر ضدها في المنطقة، وثانيا ضم العراق الى الحزام الوردي الخليجي المصري الاردني الموالي لواشنطن. وبالتالي فإن قراءة الحدث العراقي على انه فعل عراقي مخالف لكل الحقائق على الارض وعلى امتداد المنطقة، ولهذا السبب عقد الاميركيون اجتماعهم الثاني مع الايرانيينإ علهم يتفقون على صيغة ملائمة حول ادارة العراق.

وبالتالي فان تخطيط احياء العاصمة، بحيث تكون كفيلة بحماية نفسها، ربما هو حل إضافي بعد ان ثبت فشل ادخال القوى الامنية والجيشين العراقي والاميركي في المعادلة بسبب انتفاء الثقة وعجز كل القوى عن ايقاف القتل. وهناك ما يكفي للظن بأن الخطة الموعودة لسنتين مجرد حيلة سياسية، لإيهام الناخبين الاميركيين بأن النصر ممكن ولكن بعد الانتخابات التي بقي لها 16 شهرا.

ومهما يكن فان مصلحة الجميع، الاميركيين والعراقيين والسوريين، واعتقد الايرانيين أيضا، باتت في وقف العنف الذي وصل الى مرحلة تهدد بشن حروب خارج حدود العراق نفسه. ايضا المعادلة تغيرت كثيرا اليوم عما كانت عليه في مطلع العام الحالي. الذي اعنيه انه صارت هناك قوى سنية متطرفة جديدة ضد القوى السنية المرتبطة بإيران، ويمكن ان تفعل ضد القوى المحسوبة على ايران.

ايضا صار هناك تبدل في الموقف الاميركي، الذي اقترب كثيرا من المعارضة السنية وابتعد قليلا عن الميليشيات الشيعية المحسوبة على ايران. كما ان سورية مع اقتراب المحكمة الدولية صارت تشعر بان تهديد نظامها له غطاء شرعي دولي، وستكون المحاكمة غطاء لتصفية حسابات كثيرة اهمها تدخلها في العراق. اما ايران فإنها تقترب من حافة الهاوية، وهي لعبة غاية في الخطورة من ضلعين.. الملف النووي والحرب في العراق.