الموت في العسل: نهايتنا جميعاً!

TT

ينصحك الطبيب ألا تدخن.. ينصحك الطبيب ألا تشرب ألا تسرف في الطعام وفي الجنس وفي الحب وفي الكراهية. ولكننا لا نسمع كلام الطبيب لأنا ضعاف أمام الذي نحب.. ولأن الطبيب نفسه ليس نموذجاً طيباً، فكثير من الأطباء يسرفون في كل شيء ثم ينصحونك بألا تفعل مثلهم..

وكل المسرفين يعلمون أن الذين استسلموا له هو وحده الذي سيحدد نهايتهم والصورة التي سوف يموتون عليها. ولكن الإنسان أضعف من اللذة ومن المتعة..

وهذا الموت هو الذي يسميه الفيلسوف الوجودي سارتر: الموت السكر أو الموت في العسل.. انظر إلى الذبابة التي جذبتها رائحة العسل فانهالت عليه. وأمسك العسل بأرجلها. وظلت في العسل حتى ماتت!

ونحن كالذبابة غرقنا في العسل.. التصقنا به أو هو الذي أمسك بنا.. ولكن نحن الذين ذهبنا إليه وارتمينا فوقه ونحن لا ندري انها ميتتنا الأخيرة. والحب عندنا أقوى من الموت..

ولا يزال أمل المحبين أن يموتوا في أحضان من يحبون.. أن تكون الأحضان هي الكفن.. والمتعة هي القبر.. فالشعراء هم أسجع الناس وأكثرهم صراحة وأقدرهم في التعبير عن الحب حتى الموت.. فليسوا ذباباً وقع في مصيدة لذيذة.. وإنما هم الذين نصبوا المصيدة وجعلوها عسلاً وألقوا بأنفسهم فيها قبراً لذيذاً أبدياً!

ولا يزال التَّضوُّر مقبرة الفقراء. والتخمة مقبرة الأغنياء.. والزهد مقبرة المؤمنين. والمواخير مقبرة المنحلين.. وكلها مقابر تفصل بعضها عن بعض في الأكل!