أقفلوا ملف الممرضات

TT

اكدت الجامعة العربية على انها ستبحث الطلب الليبي بقطع العلاقات بسبب اخلالها بالاتفاق المبرم بشأن اطلاق سراح الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني في قضية الايدز، وان كان من المتوقع ان لا تستطيع الجامعة ان تفعل شيئا في هذا الملف الذي هبط عليها فجأة، بينما كانت القضية ومفاوضاتها محصورة منذ بدايتها في الاطراف المعنية بها مع ليبيا.

وحتى الاتفاق المبرم بين ليبيا وبلغاريا والاتحاد الاوروبي الذي تدخل فيه، وواشنطن التي ربطت ارسال سفيرها الى طرابلس باطلاق سراح الممرضات والطبيب ظلت بنوده غامضة بالنسبة الى الجامعة العربية، وهو حق سيادي لليبيا باعتبار ان القضية خاصة بواقعة اعتبرها القضاء الليبي جنائية وقعت على ارضه وأصدر احكاما فيها سواء كانت خطأ او صحيحة.

لا نستطيع ان نلوم الدول الاوروبية على تضامنها مع بلغاريا العضو الجديد الذي اكتسب قوة بانضمامه الى الاتحاد الاوروبي، أو نلوم صوفيا على دفاعها عن حقوق مواطينها، كما لا نستطيع ان نلوم ليبيا على رغبتها في طوي صفحة الماضي من المواجهة مع العالم، التي بدون شك اثرت على اقتصادها وتطورها التنموي وهو امر واضح للغاية اذا ما جرت مقارنة مستويات المعيشة وحجم الاقتصاد بما تملكه من ثروة نفطية بدول اخرى في الخليج ثروتها النفطية في حجم الثروة الليبية وحجمها السكاني متماثل معها تقريبا.

فوائد الاتفاق كثيرة كما هو واضح من زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي الى ليبيا وبروتوكولات التعاون التي تم الاتفاق عليها، والانفتاح الغربي بما في ذلك الاستثمارات في الصناعة النفطية، والزيارة المتوقعة لوزيرة خارجية اميركا والتي ستكون الاولى من نوعها منذ عقود.

طبعا الفوائد ليست لليبيا وحدها، ولكن ايضا للدول الغربية فهذه سوق بكر ما زالت تنفتح ببطء بعد سنوات من الانغلاق والمقاطعة والحصار بسبب قضية لوكربي، وعائدات النفط والصناعة البترولية التي ستأخذ وقتا من اجل تحديثها توفر الفرصة لطفرة اقتصادية يستفيد منها الليبيون والمنطقة كلها لو اتبعت سياسات اقتصادية صحيحة.

وعودة الى ملف الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني والذي يبدو كآخر الملفات العالقة في علاقات ليبيا الخارجية فانه لايبدو ان هناك طريقا آخر غير اغلاق هذا الملف وتركه يدخل غياهب النسيان رغم المرارات الواضحة سواء من عائلات المصابين من الاطفال او من جانب الممرضات والطبيب الذين قالوا انه لم يتم توجيه الاتهام في هذه القضية سوى الى اشخاص اجانب، فالجانبان يبدو انهما ضحايا لنوع من الاهمال او التقصير في الانظمة وقواعد المراقبة او ربما نقص التجهيزات في فترة معينة.

لا فائدة من استمرار الاجترار في هذا الملف او احراج اطراف عربية اخرى بدعوتها الى مقاطعات ومواقف بينما لم يستشرها احد في أي وقت في هذه القضية، والافيد هو استخلاص الدروس والعبر من القضية.

اول الدروس هي الحاجة الى الشفافية واستقلالية الانظمة القضائية حتى لا تكون احكامها وتحقيقاتها مجالا للتشكيك، ووقف تسييسه او استغلاله في اهداف سياسية.