رجال أبو مازن

TT

هذا عنوان مقارب لفيلم «كل رجال الرئيس» الذي يحكي قصة الرئيس نيكسون وفضيحة ووترغيت. والحقيقة ان موضوعنا لا فضيحة فيه بقدر ما يرصد تغييرات مثيرة داخل السلطة الفلسطينية اقرب ما تكون الى ثورة بلا دماء.

لقد واجهت اعتراضات عديدة على مقالي أمس عندما صورت قرارات الرئيس محمود عباس المتسارعة منذ سقوط غزة بأنها «انقلاب ابيض» ضد بعض رفاقه، لهذا فالموضوع يستحق المزيد من النقاش. ولا بد ان اورد اعتراض أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه على ما زعمت بأنه من الذين اقصاهم الرئيس في الانقلاب الابيض. هاتفته لأستوضح منه بعد النشر فقال ساخرا بأن لا علاقة له أصلا بأحداث غزة، الا بمقدار علاقتي انا بأغنى عشرين رجل في العالم. لا يزال مع الرئيس وان لم يكن فتحاوياً، وليس صحيحاً انه أقصي من عمله. ومع انه ليس فتحاوياً الا انه صاحب حضور في السلطة وذات مرة قالت له الزميلة جزيل خوري (أستاذ ياسر ما بعرف شو الواحد لازم يعني يناديك.. معالي وزير الاعلام، أمين سر اللجنة، حضرة المستشار، السيد ياسر عبد ربه) وردّ عليها ان الالقاب مع المناصب لا تدوم، ناديني بياسر. وبالتالي عليّ ان اصحح ما كتبته امس فياسر ليس من ضحايا الانقلاب الابيض.

لكنه زعم بان ما فعله ابو مازن ليس انقلابا وهذه وجهة نظر، نحن في الصحافة من يسمي الاشياء وليس مدبرو الانقلابات. فحماس تنكر ان ما فعلته انقلاب مع انها استخدمت الاسلحة والقتل والطرد واحتلال دور السلطة كلها ورفعت علم حماس عليها.

ابو مازن منذ لحظة هزيمة غزة تولى القيادة بنفسه، وهاجم حماس في كل خطبه، منهياً سياسته المهادنة السابقة، وشكل لجنة تحقيق داخلية، وتخلص من بعض كبار رجالاته وضباطه، كما شكل حكومة مختلفة عن سابقاتها سلمها لسلام فياض. اذا لم يكن هذا انقلاباً ابيض فماذا يمكننا ان نسميه؟

هذه صورة من صور الانقلابات الحريرية. ونحن لا نشجب قيام ابو مازن بإصلاح الوضع، ولم تفتنا ابتسامة الليث التي اظهرت لأول مرة انيابه، بل نعتقد انه كان يتعين عليه ان يفعلها منذ ثلاث سنوات. وكثيرون يعتقدون ان تراخيه هو الذي ادى الى تدهور الاوضاع، واستهانة حماس وغيرها بقيادته وقراراته، وتآمرها على قتله، واحتقارها لفتح ورجالاتها بإيداع بعضهم السجن في الوقت الذي اطلقت فيه سراح اجانب وحيوانات في غزة.

محمد دحلان هو ابرز رجال السلطة واحد ضحايا انقلاب رام الله، وكالعادة فالثورة تأكل ابناءها. الرجل عاد الى اوروبا على عكازين ليكمل علاجه. وسبق ان سألت دحلان في اعقاب هزيمة غزة ما المتوقع بعدها؟ ذكر بأنه حذر قيادات السلطة منذ زمن بان حماس تخطط للاستيلاء على غزة، «كانوا يتهمونني بالبارانويا والمبالغة حتى وقع الفأس في الراس، الآن صار الوقت متأخراً لفعل شيء وصرنا امام امر واقع جديد، وعلينا التعامل معه».

[email protected]