«شخبط شخابيط»

TT

منشدون من مدينة حائل ـ شمال السعودية ـ يتهمون نانسي عجرم بسرقة كليب «شخبط شخابيط»، ويعتزمون رفع دعوى قضائية ضدها، ولست أدري إن كانوا سيرفعون الدعوى في محاكم حائل أم يشدون رحالهم إلى حيث تقيم المدعى عليها.. ويقول المنشدون إن «شخبط شخابيط» فكرتهم، وهي عبارة عن رسالة تربوية للمجتمع حول ظاهرة الكتابة على الجدران، وإنها طرحت في شريط لهم صدر قبل نحو عام، فكانوا الأسبق من نانسي وصولا إلى الفكرة، ويطالب المنشدون باعتذار علني تعترف فيه ابنة عجرم صراحة بالاقتباس، وهي الكلمة المهذبة المرادفة لمفردة السرقة.. وقد بذلت جهدي في أن أحصل على نسخة من «شخبط شخابيط» من منشدينا المحتجين، ولكنني لم أتمكن من ذلك حتى كتابة هذه السطور، فأنا أتوق لمعرفة الفارق بين «شخابيطنا» و«شخابيط» نانسي عجرم، وإن كنت مبدئيا أشعر بالانحياز لـ«شخابيطنا»، وفق قاعدة أنا وأخويا على ابن عمي، وإن كان لابد من التعديل في هذه الحالة فأنا وأخويا على ابنة عمنا عجرم.

وأخشى ما أخشاه هو توهم المنشدين بأن أية معالجة فنية لإشكالية الكتابة على الجدران بعد صدور شريطهم تعتبر اعتداء على فكرتهم، فإن كان الأمر كذلك فيجب أن يوفروا على أنفسهم الدعاوى والشكاوى، وأن يذهبوا إلى لبنان سائحين لا «دعوجية»، فالفكرة مشاعة، حتى قيل بأن «الجدران دفاتر المجانين»، ولا يخلو مجتمع من مجتمعات الدنيا من محاولة حل إشكالية الكتابة على جدران البيوت، حتى أن أحدهم في أميركا أصدر كتابا يحلل نفسيات الذين يكتبون على جدار الحمامات العامة، وحقق الكتاب في حينه رواجا وانتشارا.

وها أنا أكتب هذه «الشخابيط» متأثرا كذلك بجولتي الصباحية اليوم، التي شاهدت فيها عمال البلدية يمسحون عبارات الغزل من بعض الجدار بعد أن رسم أحدهم قلبا وسهما وقطرات دم، وكتب أسفل منها: «أحبك يا مزيونة الحي»، ويا بخت تلك «المزيونة» التي ربما كانت تتسلل بنظراتها من خلف النافذة، فترى ذلك الرسم، وتقرأ تلك العبارة فتزداد غرورا وخيلاء.

أتذكر أن أمانة مدينة جدة وعدت الشباب الذين يكتبون على الجدران بأن تقيم لهم جداريات يفرغون فيها طاقاتهم التعبيرية والكتابية، وإلى أن تقوم الأمانة بتنفيذ ما وعدت بعد عمر طويل «ما إلك إلا نانسي»:

شخبط شخابيط ... لخبط لخابيط

مسك الألوان ... ورسم في الحيط.

[email protected]