الجدل حول اتفاقات كيوتو

TT

وصفت غالبية وسائل الاعلام الاوروبية القمة السنوية بين قادة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بالفشل، ولكن هل كانت القمة فاشلة بالفعل؟

الفشل الذي وصفت به القمة قائم في الاساس على رفض الرئيس الاميركي جورج بوش التوقيع على اتفاقات كيوتو حول ارتفاع درجات الحرارة الكونية نتيجة تراكم ثاني اكسيد الكربون وغازات اخرى. فقد قال بوش ان هناك حاجة الى المزيد من الادلة العلمية على ادعاءات انصار حماية البيئة، وان أي خطة يمكن ان تؤدي الى خفض النمو الاقتصادي العالمي الى 2 في المائة على مدى عشر سنوات يجب عدم طرحها على نحو متعجل.

الحقيقة هي ان اتفاقات كيوتو لم تتوفر لها فرصة حقيقية للتطبيق حتى بواسطة الدول الاوروبية، اذ ان بريطانيا وفرنسا اختلفتا علنا مطلع هذا العام حول ما تعنيه هذه الاتفاقات. واليابان، من جانبها، لم تكن متحمسة تجاه تبني خطة ربما تدفع اقتصادها الى الركود، خصوصا انه ظل يعاني من بعض المشاكل خلال السنوات الأخيرة. ربما يقول البعض ان بوش ليس ملزما بأن يكون واضحا ومباشرا في رفضه لاتفاقات كيوتو، اذ من الممكن ان يتركها حتى تتكشف جوانبها المختلفة.

مهما يكن من امر، تجب الاشادة بموقف بوش الصريح والواضح. ربما يتهم بوش بالانحياز للوبي النفطي العالمي وحتى بالانحياز لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك). ولكن الحقيقة تتلخص في ان اتفاقات كيوتو لا تمثل سوى وسائل تحايل مكلفة، اذ ان هناك حاجة حقيقية لبرنامج حقيقي يكون فيه لكل دول العالم جزء واضح. وهذا البرنامج لا يمكن تطبيقه ما لم يكن هناك تقدم تكنولوجي كبير في جانب استخدام الطاقة وتنمية موارد جديدة لها، كما ان هذا التقدم بدوره لا يمكن انجازه من دون نمو اقتصادي قوي.

جاءت اتفاقات كيوتو تحت ضغوط حركات «الخضر» باوروبا الغربية في الغالب وتبنتها حكومات يسار الوسط التي لا تزال مولعة بالثقافة المعادية للنفط. الاتحاد الاوروبي اعلن من جانبه انه سيطبق اتفاقات كيوتو، لكننا سنكتشف قريبا ان هذا الاعلان هو غلو اكثر منه موقف سياسي واقعي. اما في ما يتعلق بالتعامل مع مشكلة ارتفاع درجات الحرارة الكونية بفعل تراكم ثاني اكسيد الكربون وغازات اخرى، فإن على الساسة والخبراء التوصل الى وسيلة جديدة وخطة اكثر واقعية يقبلها الجميع، بما في ذلك الولايات المتحدة واليابان و«اوبك».