الباشا والياً

TT

عندما يتولى بطرس بطرس غالي امانة عامة ما، فيجب ان تكون لمرتين. لكن حربه مع المسز اولبرايت حالت دون الولاية الثانية في الامم المتحدة. وكانت حجة المسز اولبرايت المعلنة ان مرشح مصر بلغ السادسة والسبعين من العمر والامانة العامة منصب عملي يتطلب السفر الكثير والسهر في مجلس الامن واليقظة الادارية. طبعاً، السبب الحقيقي كان ان بطرس غالي «باشا» ومشاكس ولا يدرك ان الاميركيين يكرهون ان يجابوا بـ«لا» النافية للجنس، قال النحاة.

من الامم المتحدة ذهب بطرس غالي الى 28 شارع دو بورغون في الدائرة السابعة من باريس، اميناً عاماً للفرانكوفونية. والرجل الذي رشحه لهذه المهمة هو الصديق الذي حمله على اكتافه الى المبنى الازرق: المسيو جاك شيراك. لكن مسألة العمر لاحقت الباشا الى هانوي، حيث اعترض بعض الافارقة على ولاية كاملة له، وتم الاتفاق على نصف ولاية.

كان ذلك العام .1997 الآن وقد بلغ التاسعة والسبعين، اعلن بطرس غالي انه مرشح لدورة اخرى في قمة الفرانكوفونية التي تنعقد في بيروت في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل. «ساعي البريد يقرع مرتين». ولا يزال غالي مرشح مصر. كما لا يزال، على الارجح، مرشح جاك شيراك، الذي يعرف ان احد اسباب النقمة الاميركية وانتقام المسز اولبرايت، كون صديقه فرانكوفونياً في العصر الاميركي السعيد.

لكن اليس للدكتور بطرس بطرس من منافس؟ هناك، حتى الآن، المنافسون المعلنون، وهم لا يشكلون خطراً حقيقياً على الباشا. وهناك اسم متداول حتى الآن في الردهات، وهو اسم كبير، محترم، ولائق: الرئيس السنغالي السابق عبده ضيوف. ويعيش عبده ضيوف في باريس منذ ان خسر معركة الرئاسة، بكل كِبر، امام خلفه عبد الله واد. وللسنغال افضال على فرنسا والفرانكوفونية، ليست للكثيرين. وفي الوقت الذي تخسر باريس مواقعها في افريقيا امام المدِّ الاميركي لا تزال السنغال حصناً فرنسياً. والسنغال هي التي قدمت للفرنسية شاعر افريقيا، ليوبولد سنغور. ويحلم كثيرون من الفرانكوفونيين بأن يكون الامين العام في المنظمة بمرتبة رئيس سابق، مثل ضيوف. وفي منظمة اكثريتها من الافارقة، يمثل ضيوف عمق القارة السمراء ولونها وعذاباتها الماضية، اكثر مما يمثلها غالي الذي قال عنه السناتور هيلمز زعيم العصبية الاميركية انه ذو بشرة افريقية من باريس.

يقول الدكتور غالي انه يضمن حتى الآن اغلبية الاصوات. وقد كان في بيروت قبل اسابيع للاعداد للقمة والاعداد للتجديد. واذا لم ترشح السنغال عبده ضيوف، او ترشح فرنسا زعيماً سياسياً مثل رئيس الجمعية الوطنية فيليب سيغان (تونسي المولد) فإن حظوظ غالي مع الفرانكوفونية ستظل اقوى بكثير من حظه البائس مع المسز اولبرايت واليمين الاميركي. انه رجل معارك، وحملات، بطرس غالي. من امانة عامة الى امانة عامة. ومن العقد الثامن الى العقد التاسع. ونكاية بتاريخ الولادة في العام 1922، لا يكف عن السفر. مرة من اجل الفرانكوفونية ومرة من اجل امينها. انا الدولة والدولة انا كان يقول لويس الرابع عشر. وانا انطونيو وانطونيو انا، قال امير الشعراء في مغناة كليوباترة. كيلوباطرة لضرورات الشعر. والامانة العامة هو وهو الامانة العامة.