حديث الأقلية البربرية

TT

بدأت اطراف اعلامية خارج الجزائر بالعزف على اوتار «الاقلية البربرية» في الجزائر، يساعدها في ذلك بعض الاطروحات التي يطرحها قادة بعض الجماعات في منطقة القبائل، والتي خرجت عن الطرح الوطني والديمقراطي الى طرح عنصري، وحديث عن حقوق اقلية، وليس عن حقوق الجزائريين.

لا ديمقراطية لمنطقة او جماعة في الجزائر او غير الجزائر خارج نطاق الديمقراطية الوطنية للناس جمعيا، ولا حديث عن حرية اقلية في اي قطر عربي ـ وما اكثر الاقليات ـ دون حديث لا مواربة فيه عن حرية المجتمع ككل. ولقد عانت دول عربية عديدة من نزيف دفع المجتمع كله ثمنه بسبب الطرح الطائفي او المناطقي، او لغة الاقليات.

حاول المتطرفون المسلمون والمسيحيون اللعب على اوتار الاقباط في مصر، ووجدوا في اطراف اعلامية ضالتهم، وحاولوا اللعب على هذه الورقة، وثبت في النهاية انه لا حرية لقبطي دون حرية المصريين جميعا، ولا تقدم لمسلم مصري دون تقدم للمصريين جميعا.

الحرب الملعونة في لبنان كان احد اسبابها اعتقاد البعض بامكانية خلق «غيتو» ماروني او مسلم او درزي في لبنان، وكانت حرب الهوية عنوان تلك المرحلة السوداء من تاريخ لبنان، وثبت بعد سنوات من الدمار والقتل المجنون انه لا احد يمكنه ان يكسب حريته داخل اطار طائفة او جماعة، ولا احد يستطيع ان يفرض شروطه على المجتمع ضمن شعارات طائفية او عنصرية، وان الوطن هو البيت الكبير الذي لا يستطيع احد ان يغلق على نفسه في احدى الغرف، ويعتقد انه يمارس حرية، او يبني تنمية.

على بعض القادة الجزائريين الا يفرحوا بامكانية تسيير مظاهرة تضم مئات الالوف، او يرفعوا شعارات الحرية لاقلية جزائرية فيجدوا من يصفق لهم من الدهماء والعامة، فلقد حدث ذلك كثيرا في تاريخ الامم ولكنه انتهى الى طريق مسدود.

لا حرية ولا تقدم ولا سلام للجزائر الا ضمن مشروع وطني يخترق الاجتهادات السياسية والبنى الطائفية والعرقية، اما غير ذلك من لغة اثارة الفرقة بين الجزائريين، والتصرف على اساس الاقلية والاغلبية فهو طريق مسدود، ونفق مظلم نتمنى ان يتجنبه الجزائريون جميعا.