دارفور : خارطة طريق جديدة

TT

يبدو أن الشعور بالإحباط تجاه الإبادة في دارفور قد دفع الرئيس الأميركي جورج بوش إلى الإشارة لمستشاريه مرة إلى أنه يجب على أميركا إرسال قوات عسكرية إلى إقليم دارفور.

بوش، أشار إلى هذه القضية خلال إجابته على سؤال امرأة في تينيسي قالت له: «إذا كانت هناك مشكلة في دارفور، لماذا لا تذهب أميركا إلى هناك وتحلها؟» ـ كان في ذهن بوش حديث فكرة كوندوليزا رايس، التي قالت له، إن أميركا لا تستطيع بدء حرب أخرى في دولة مسلمة ـ أجاب بوش على السائلة قائلا: «اتخذت قرارا بعدم إرسال قوات من جانب أميركا لوحدها إلى دارفور». هذا قرار صحيح. فالنظام السوداني سيستغل غزو أميركا للدعوة إلى مواجهة الكفار وجعل حل الأزمة أكثر صعوبة. إلا أن المحصلة النهائية تتلخص في أن بوش، الذي يفتقر إلى أي خيار عسكري، لم يفكر في خيارات أخرى. إذ بدا منزعجا للفظائع التي تحدث في دارفور، كما انه تحدث حولها في الكثير من لقاءاته مع الزعماء الأجانب، حتى عندما لا تكون أزمة دارفور في أجندة القضايا المراد مناقشتها. لكنه رغم ذلك لم يفعل شيئا يذكر، لأنه لا يدري ماذا يفعل، ولذا، في ما يلي بعض المقترحات العملية.

أولا: يجب أن تبذل إدارة بوش المزيد من الجهود تجاه السعي للتوصل إلى سلام من خلال المفاوضات بين المتمردين والحكومة، وهذا هو الحل الوحيد البعيد المدى لهذا النزاع الدموي. كان هناك بالطبع تركيز على قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، ولا شك أنها شكلت إضافة لكنها ليست حلا في حد ذاتها.

الخطوة الأولية تتمثل في تشكيل المتمردين جبهة تفاوض واحدة، وهذا ما التقت بشأنه فصائل التمرد في تنزانيا مؤخرا. أميركا في حاجة ملحة لدفع هذا التوجه إلى الأمام ومساعدته.

ثانيا: يجب أن نؤيد المطالب العالمية للسودان بإطلاق سراح سليمان جاموس، الذي تعقد عليه آمالا كبيرة في توحيد فصائل المعارضة وقيادتها باتجاه السلام.

ثالثا: نحن في حاجة إلى العمل مع دول أخرى للإصرار على توقف السودان عن تشجيع السودان عشرات الآلاف من العرب في الدول المجاورة لتقيم في المناطق التي شهدت القضاء على السكان المحليين.إذ أن توطين هذه القبائل العربية سيؤدي إلى التغطية على نتائج عمليات الإبادة على التركيبة السكانية، كما انه سيثير حفيظة الناجين ويجعل إنجاز السلام أمرا صعبا.

رابعا: نحن في حاجة إلى زيادة التغطية المعلوماتية من فوق المنطقة ونشر الصور التي يجري التقاطها عبر الأقمار الصناعية من وقت إلى آخر حتى يعرف السودان انه تحت المراقبة، فنشر صورة لمعسكر «جريدة» سيقلل فرص قضاء السلطات على نزلائه البالغ عددهم 130000 شخص. خامسا: يمكن الانضمام الى ساركوزي وبراون في الرحلة التي تحدثوا حول القيام بها إلى تشاد. ويجب ان يوجها الدعوة علنا الى قادة كل من مصر والصين، وهما دولتان يمكن أن تساعدا في الضغط على السودان للانضمام إليهم.

سادسا: يمكن أن تشجع أميركا بهدوء القادة المسلمين على دفع عملية السلام في السودان. رئيس الوزراء الماليزي، الذي يترأس مجموعة من الدول المسلمة، أعد مقترح سلام، وأبدت السعودية استعدادها للمساعدة.

سابعا: بوسع بوش الترويج لقضية دارفور من خلال إلقاء خطاب تلفزيوني وتوجيه الدعوة إلى لاجئي دارفور لزيارة البيت الأبيض.

ثامنا: يجب أن تشرع أميركا في عملية تخطيط عاجلة في حال بدء السلطات السودانية عمليات إبادة ضد النازحين في المعسكرات، أو في حال استئناف هذه السلطات حربا ضد الجنوب. وفي حال مهاجمة معسكرات النازحين يمكن أن نؤمن هذه المعسكرات ونقيم ممرا لنقل الناجين إلى تشاد. أما في حالة الاحتمال الثاني، فيجب أن نسلح جنوب السودان، مع احتمال فرض حصار على بورتسودان.

تاسعا: نحن في حاجة إلى العمل أكثر مع الصين، التي تتمتع بتأثير قوي على السودان. الهدف الرئيسي من ذلك هو حمل الصين على تعليق بيع السلاح إلى السودان حتى تبذل الخرطوم جهدا واضحا تجاه السلام.

عاشرا: يمكن أن نعمل مع فرنسا بغرض بسط الاستقرار في تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى. إذ يعمل الرئيس ساركوزي على حمل قوات حفظ السلام الدولية على إنقاذ الدولتين عقب محاولات الغزو المدعومة من السودان.

وأخيرا، يجب ان نعمل مع كل من بريطانيا وفرنسا على تعزيز حظر الأمم المتحدة للطيران العسكري في أجواء دارفور. ويجب، على أقل تقدير، أن نسعى لإصدار قرار بالعقوبات على السودان في حال انتهاكه الشروط المفروضة. يضاف إلى ذلك، أنه عندما تقصف طائرة سودانية قرية في دارفور، يمكن أن ندمر واحدة من المقاتلات قاذفة القنابل "A-5 Fantan" الصينية الصنع التي تحتفظ بها الحكومة في دارفور.

ويعارض كثير من العاملين في مجال الإغاثة هذا المقترح خوفا من أن يوقف السودان تدريجيا دخول المنظمات الإنسانية. ولكن بعد أربع سنوات يجب أن نثبت للرئيس عمر حسن البشير انه سيدفع ثمنا للإبادة.

*خدمة «نيويورك تايمز»