العيب فيهم لا في الشمس!

TT

حاورت الأديب الانجليزي الكبير سومرست موم. جاء إلى القاهرة وقد تجاوز الثمانين من عمره، وارتعشت يداه وصوته، وتساقطت الكلمات في المسافة التي بيننا فكانت السكرتيرة تجمع الحروف وتضع جملة مفيدة. وحاولت أن أتوقف عن المشاركة ولكنه كان يحب أن يقول، والذي قاله بديع. فهو من أصحاب الأساليب الجميلة في كتابة الرواية.

وكان جوابه: لا أعرف. أما الأسئلة فهي هل تعرف العقاد وطه حسين والحكيم وشوقي والمازني وأم كلثوم..

أما الذي قرأه في كل الأدب العربي فهو «ألف ليلة وليلة». وحاول أن يضع أصابعي على مواطن الجمال والخيال في هذا الكتاب البديع. وأدهشني ذلك!

وقابلت الأديب السويسري صديقي ديرنمات الذي ترجمت له سبعا من المسرحيات ظهرت كلها على المسارح المصرية. وقابلته في برلين وفي سويسرا وفي مصر. وأعدت عليه نفس الأسئلة التي وجهتها للأديب البريطاني. وكان جوابه لا شيء إلا ألف ليلة وليلة!

ونشرت ما دار بيني وبين موم وديرنمات وغضب الأستاذ العقاد وقال: نفرض أن رجلا أعمى لم ير الشمس، فالعيب فيه وليس في الشمس.

وإذا كان هذا الأديب أو ذاك لم يقرأ الأدب المصري، فهو الجاهل وهو الخاسر. وقد يكون روائيا عظيماً، ولكن من المؤكد أن جهله عظيم!

ولا أرى الحق مع الأستاذ العقاد.. فهو لم يقرأ كل ما كتب موم، ولا قرأ ما كتبه ديرنمات. ولا أقول أن العقاد جاهل أو ليس مثقفا!

ولما سألت طه حسين عن رأيه فيما قال موم، قال: يا سيدي إنها غلطتنا، فلم ننقل أدبنا إلى لغته. وألف ليلة قد نقلت إلى كل اللغات. ولا أتوقع إن كتابي (الأيام) يستطيع أن يقف إلى جوارها.

وضحك هاها.. هاها.. وقال: العقاد زودها شويتين هاها!