إنها أحلام الجياع والخائفين!

TT

أنيس منصورمثل شعبي يقول: الجوعان يحلم بسوق العيش.. والعيش في اللهجة المصرية يعني الخبز.. والمثل الأوروبي يقول: الانسان ملك وهو يحلم. متسول عندما يصحو.. أي أن هناك واقعين: الحلم واليقظة.

وقصص «هاري بوتر» للأديبة الانجليزية رولنج هي أحلام المظلوم والجائع والوحيد والبائس.. فالأديبة الانجليزية لم تكتب هذه القصة للأطفال وإنما لكل إنسان..

وأنا لم اقرأ إلا الجزء الأول فقط. ولم أشاهد إلا الجزء الأول لكي أعرف هذه الأديبة. وعرفتها وأعجبتني جداً. فأسلوبها مليء بالحياة والإثارة ولا حدود لخيالها.. فهي تتدفق بالمعاني والمعلومات وتمسك القارئ من رموش عينيه..

إيه الحكاية؟ إن الطفل هاري بوتر يتيم. ويلقى المعاملة القاسية البشعة جداً من أقاربه. ثم إنهم يهملونه ويجعلونه ينام تحت السلم حيث تلتقي البرودة والجوع والقسوة والهوان.. وفجأة يتلقى خطاباً من مدرسة السحرة. وقبل أن يمد يده الى الخطاب تكون يد أخرى قد سبقته. يد أحد أقاربه. ولكن بعد ذلك تجيء الطيور تملأ البيت بالخطابات. ويقرأ واحداً منها. إنها رسالة من مجهول تقول: انه ساحر بالفطرة. وأن كل ما يحتاجه هو أن يعطى فرصة. وقد واتته الفرصة فذهب وتعلم ومارس وقفز على الواقع الحزين. وأضيفت له قوة خارقة. ولم يعد ذلك الذليل المهيض الجناح. إنه قوة كامنة. قوة سوف تنقذه مما هو فيه ـ وما كان ينبغي أن يكون فيه.. وتنتقل الأديبة الى عالم السحر والغيبيات والمعجزات التي تشعل النار في خيال الأطفال وتزلزل الواقع.. وينتقل هاري بوتر الى عالم آخر ومعه كل الذين حوله.. وتجيء قوى سحرية تناديه ويستجيب. لقد انتقل هاري بوتر مع زملائه الى دنيا أخرى جذابة جميلة ومعه مئات ملايين الأطفال في كل الدنيا.. ينتظرون الكتاب والفيلم ويضعون ملايين الجنيهات الاسترلينية في جيب المؤلفة التي كانت تعمل بأربعين جنيهاً في الأسبوع.. والآن بموهبتها أصبحت أغنى من الملكة. وكان استاذنا توفيق الحكيم يرثى لحال الأدباء عندما قرأ أن لاعباً لكرة القدم قد اشتروا جزمته بعشرين مليوناً. ويقول الحكيم أن هذا المبلغ يعادل ما كسبه الأدباء منذ أيام هيرودوت حتى اليوم. ولم يعش الحكيم ليرى ماذا كسبت رولنج من رواية واحدة ـ أكثر من 700 مليون جنيه استرليني. رأيي الشخصي أنها تستحق ذلك!