فقلت معاذ الله .. بل أنت لا الدهر!

TT

ومن رسائلي إلى الصديقة الإيطالية (سينا روصنم) توقفت عند صورة لرسالة غريبة.. وكنت قد نسيتها تماماً. ولا بد أنني نسيتها، لأنني أردت أن أنسى ما جاء فيها من المعاني التي لا أحبها.. أو لا أحب أن تكون هكذا مشاعري نحوها أو نحو أي أحد..

وأنا أترجم إلى العربي ما كتبته أنا بالايطالية: عزيزتي. لم يعد لدى ما أقوله. كل ما في دماغي صاغه قلبي كما عرفت.. ليس شعراً، وإنما هو شعور قد اتخذ شكل الشعر. فالشعر هو اللغة الوحيدة للعواطف. فليس معقولاً أن أجعل كلامي في وضوح البديهيات الرياضية. فكل مشاعرنا ليست بديهية؟؟ لا هي واضحة ولا هي متفق عليها بيننا.. فإذا قلت الحبيب.. كان له معنى عندك غير الذي عندي أو كان عندك أو سوف يكون عندي.

وليس أحد متهماً بسوء الفهم أو بالعجز عن التعبير، وإنما هي طبيعة المشاعر ألا تكون دقيقة.. وأن تكون حرارتها طالعة نازلة.. حارة باردة.. قريبة بعيدة.. صادقة أو كأنها كذلك. اختلفنا في قضايا فلسفية. لا مانع ولا ضرر ولا خوف.. مفهوم الله عندي غيره عندك.. والقيامة والجنة والنار وكل المقدسات. لا يهم كل ذلك. فأنا لست مبشرا بديني لإقناعك.. ولا أنت أيضا.

أنا مندهش جداً كيف أن الحب عندك يقين كالبديهيات: 2+2=4.. ليس صحيحاً أن كل ما هو إنساني بديهي. أبداً. بل كل ما هو إنساني: تقريبي. محتمل. أنا تعبت في إقناعك بأن كل ما ترينه بديهياً لا أراه كذلك. وكل ما هو بسيط عندك، ليس كذلك عندي. كيف ترين أن الحب بيننا لا خلاف عليه. بل خلاف وألف خلاف. كيف يكون الحب قراراً منفرداً. منك أو منى.. كيف نرضى لأنفسنا أن يكون أحدنا حاكماً بأمره دكتاتوراً وما يراه وما يشعر به واجب النفاذ. من قال ذلك؟ وإذا قال، فليس هذا رأيي..

وأنا أعيد وأزيد. هذا قراري وقد اضطررت إليه. فلم أفلح في إقناعك.. ولكني أحاول. وأكرر. ولست ثرثاراً. ولكنها الضرورة.. ولم أفلح في أن أترجم لها ما قاله الشاعر القديم:

قالت لقد أزرى بك الحب (الدهر) بعدنا

فقلت: معاذ الله. بل أنت لا الحب (الدهر)!

أما الذي أزرى بي، فهو المنطق فهو العقل فهو الفهم الموضوعي لكل ما ليس موضوعياً كالحب مثلاً!