المالكي وأصدقاؤه

TT

من يتأمل تصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في ختام زيارته إلى سورية، ردا على الرئيس الأميركي، يعتقد للوهلة الأولى بأن المالكي هو من ينتظر تقرير السفير رايان كروكر والجنرال ديفيد بترايوس عن أداء الإدارة الأميركية في سبتمبر المقبل، لا الكونغرس الأميركي الذي سينظر في فشل الحكومة العراقية بإرساء العمل السياسي في العراق، وتحقيق المصالحة الوطنية!

بالطبع سيخرج السيد المالكي لاحقا، كما فعل من قبل، ويقول إن تصريحه الأخير حرِّف عن سياقه، وهذا عذر مكرر، يبدو أنه أعجب السوريين مؤخرا. رئيس الوزراء العراقي، الذي يعاني من أزمة حقيقية على كافة المستويات، وأولها فشله الحقيقي في التواصل مع ألوان الطيف العراقي، ولا أقول توحيدهم، سيذكر له التاريخ، للأسف، ومن هم خلفه، انهم جعلوا العراقيين يتحدثون عن أيام الأمن في عهد الدكتاتور صدام حسين. ففي أيام النظام البعثي الغابر، كان الضحية كل من ينتقد النظام، أما الآن فقد بات الكل ضحايا الطائفية.

العراق ينحر من شماله إلى جنوبه، ومن غربه إلى شرقه، طائفيا، على مرأى من السيد المالكي الذي قيد نفسه في مربع واحد، بدلا من أن يكون للعراق كله، وعلى الرغم من ذلك يريد رئيس الوزراء العراقي الهروب إلى الأمام، بالاعتقاد أن الانتقادات الأميركية ما هي إلا بسبب زيارته لسورية، كما أنها، أي الانتقادات، جزء من معركة الانتخابات الأميركية.

وهذا يعني أن الحكومة العراقية غير قادرة على إدراك الانتقادات والتحفظات التي تحيط بها، ليس من واشنطن وحسب، بل من داخل العراق، ومن العالم العربي.

والغريب أن المالكي اندفع في انتقاد واشنطن من دون أن يرى ما الذي تفعله إيران، وليس ما تقوله. ففي الوقت الذي رفعت فيه طهران عقيرة الصوت مهددة بإحراق الخليج إنْ تعرضت لهجوم أميركي، أطلقت سراح الأكاديمية الأميركية التي كانت تتهمها بالتجسس.

وعندما يلوّح المالكي لواشنطن بمقدرته على توفير أصدقاء يدعمونه، بدلا من أميركا، فبالطبع يقصد إيران وسورية. طهران التي تطمع بالعراق، وتريد أن تجعله حديقتها الخلفية للسيطرة على المنطقة، وإكمال مشروع الثورة الإسلامية، ودمشق التي تريد لبنان بأي ثمن وتبدو حريصة على احتلال بيروت، أكثر من حرصها على تحرير الجولان.

ومع كل هذه المعطيات يتجاهل المالكي ومن هم خلفه أن أكثر ما يقلق العالم العربي، وكثيرا من مواطني العراق، حتى الشيعة منهم، هو عدم حرص رئيس الوزراء وجماعته على عروبة العراق.

لا أحد، بالطبع، يريد عراقا غربيا، ومن المؤكد أن أحدا لن يقبل أن يرى العراق فارسيا أيضا.

وهنا لا بد من تذكير السيد المالكي، وهو يفاخر بأصدقائه الجدد، بالمثل الغربي الذي يقول «مع أصدقاء مثل هؤلاء من يحتاج إلى أعداء»!

[email protected]