الخروج عن الشرع

TT

مصدر مسؤول غامض وخفي وضح أن كلام المسؤول السوري الكبير فاروق الشرع بحق المملكة العربية السعودية قد تم «تحريفه»، وهناك حرص كبير على العلاقة الخاصة بين البلدين حكومة وشعباً، الى آخر الديباجات التقليدية المعروفة في مثل هذه الحالات.

وكانت الاخبار قد تناقلت، حديث فاروق الشرع، عن السعودية واتهامها بأن دورها في المنطقة أصبح «مشلولا»، وإن اتفاق الفصائل الفلسطينية قد تم في دمشق قبل أن يحصل في مكة المكرمة. ولم يوضح البيان الصادر أي جزء من حديث الشرع قد تم تحريفه، فتبقى الحيرة قائمة واللغز مستمرا.

والسعودية أصدرت بيانا حاد اللهجة، كردة فعل على أقاويل فاروق الشرع بصورة غير مسبوقة، عبرت فيه عن أنها لن تقبل هكذا تصريحات ولا تبريرات. فاروق الشرع يريد للعلاقة السعودية السورية أن تعود الى عهد ما قبل اغتيال رفيق الحريري، والتبعات التي حدثت على الأرض في لبنان، وهذا بات مستحيلا ، فالسعودية «طولت بالها» كثيرا جدا على الأبواق المسعورة في لبنان «والمحسوبة على سورية» وتطاولها على تيار بعينه، كل ذلك كان ولا يزال يحدث من دون ردع ولا حزم مطلوب.

أما عن الاتفاق الفلسطيني، فالرئيس محمود عباس بنفسه صرح بأنه إبان زيارته لدمشق «أجبر» على اللقاء بزعيم حركة حماس خالد مشعل من أجل «صورة» إعلامية واضحة لأنه لم يكن هناك أي موضوع للبحث بحسب ما قال محمود عباس.

فاروق الشرع يبدو أنه لا يزال يريــد التعامل مع السياسة الخارجية كما كان يفعل أبان إدارته للخطوط السورية، حينما تلغى رحلة أو تتأجل يرسل نائبه للتوضيح و«التصرف» مع الركاب المنكوبين، إلا أن هذا لا يصلح في العلاقات بين الدول ولا يستطيع أن يمارس هذا الدور «التقيل» حجما ومكانة. وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي يخرج على الملأ وفي لقاء على فضائية تلفزيونية، ليقول إن العلاقة بين السعودية وسورية علاقة ممتازة ولا توجد مشاكل بينهما، وهذا ولا شك نوع من «البنج» الكلي الذي تخدر به العقول ولكن لا تسكت به الضمائر.

هناك فجوة كبيرة موجودة اليوم بين السعودية وسورية، وهي أزمة ثقة في المقام الأول، لأن شيئا ما تغير في الطرح السوري، وإدارة المسائل يتوجها تصريح مقصود كالذي طرح على لسان فاروق الشرع ، مهما كانت التحريفات بين ذلك وهو لا يبقى غير لسان السعودية مرددة للقول الفلكلوري السوري المعروف «يا مال الشام على بالي هواكي.. احلى زمان قضيته معاكي» ويضيف بعدها «حتى نعيد الأمس الأول».

قليل من المصارحة مع النفس هو ما تحتاجه سورية اليوم في سياستها الخارجية وإعادة تقييم علاقتها المتأزمة مع السعودية وليس المكابرة وتوضيح «التحريف».

[email protected]