مصر واليابان

TT

أثناء زيارتي الأخيرة لليابان لحضور افتتاح معرض الفراعنة بجامعة واسيدا وجدت أن رجال السياسة هناك يحرصون على حضور المعرض لأنهم لمسوا حب الشعب الياباني للفراعنة، ويمكن أن يكسبوا أصوات اليابانيين عن طريق الفراعنة. وعلى الرغم من أن المعرض لا يضم قطعا أثرية شهيرة أو مومياوات للفراعنة، إلا أن اليابانيين حرصوا على زيارته مصطحبين معهم أطفالهم ليشاهدوا آثار حضارة عظيمة نشأت على ضفاف نيل مصر الخالد. ويضم المعرض الآثار التي كشفت عنها البعثة اليابانية في دهشور، ومنها مقبرة مهمة ترجع إلى عصر الدولة الحديثة (1550- 1070ق.م)، وذلك بالتعاون مع مركز الاستشعار عن بعد وبالصور الجوية التى تظهر موقع المقبرة، والتي يصل عمقها إلى حوالي 10 أمتار تحت سطح الأرض، وأيضاً تلك الآثار التي قاموا بالكشف عنها في أبو صير، حيث عثروا على استراحة بناها الأمير «خعمواس» ابن الملك «رمسيس الثاني»، وهو الأمير الذي يعتبر أول مرمم في تاريخ الإنسانية قام بترميم أهرامات ومعابد الفراعنة، واتخذ من هذه الاستراحة المشيدة على مكان مرتفع مكاناً لمشاهدة أهرامات أجداده في الجنوب سقارة ودهشور، وفي الشمال حيث أهرامات الجيزة.

ومن أهم الأعمال التي قام بها ياسوچي يوشيمورا مدير البعثة اليابانية في مصر ترميم مقبرة الملك «أمنحتب الثالث» القريبة من وادي الملوك بالتعاون مع اليونسكو، وسوف يتم افتتاح هذه المقبرة قريباً للزيارة. وقام اليابانيون كذلك بصيانة المركب الثانية الخاصة بالملك «خوفو». وقريباً يتم البدء في مشروعين للبعثة اليابانية، الأول يتمثل في وضع كاميرا داخل الحفرة تتصل بشاشة عرض تليفزيوني لكي يتمكن السائح من مشاهدة المركب المدفونة داخل هذه الحفرة منذ أكثر من 4500 سنة تقريباً. وقد التقيت بالسفير المصري النشط هشام بدر الذي يتحدث اليابانية بطلاقة وبحضور المسؤولين بوزارة الخارجية اليابانية، وذلك للموافقة على ترميم المركب الثانية المدفونة، وهو من أضخم المشاريع الثقافية التي تضاف إلى مشروعات أخرى عملاقة قام بها اليابانيون على أرض مصر، مثل دار الأوبرا المصرية، وجسر مبارك للسلام والذي يربط بين قارتي أفريقيا وآسيا، وكذلك المشاركة بقرض بفائدة بسيطة في مشروع المتحف المصري الكبير، الذي يقام بجوار أهرامات الجيزة على مساحة 117 فدانا، وأخيراً مشروع الجامعة المصرية للعلوم والتكنولوجيا..

والغريب أن العلاقات الثقافية بين مصر واليابان تعود إلى نهايات القرن التاسع عشر عندما قام وفد من الساموراي الياباني بزيارة مصر عامي 1862 و 1864 بتكليف من إمبراطور اليابان «ميچى» في عصر التحديث اليابانى لدراسة تجربة التحديث في مصر ونقل تجربة النهضة المصرية إلى اليابان. ومن الغريب أن الوفود انبهرت جداً بمصر الحديثة وبشكل خاص بالقطار الذي شاهدوه لأول مرة في مصر في ذلك الوقت ونقلوا صورة كاملة عن مصر لليابان وجاء العديد من علماء اليابان لدراسة أحوال الشعب المصري تحت الاستعمار وتجربة المحاكم المختلطة... هل نتصور أن اليابان كانت تتعلم من الدول الأخرى، وانظروا ماذا حدث لليابان؟ وماذا حدث لنا؟!

www.guardians.net/hawass