العراق وفيتنام: أين يكمن وجه الشبه الرئيسي؟

TT

قال الرئيس جورج بوش خلال مخاطبته رابطة العسكريين الاميركيين السابقين الذين شاركوا في حروب خارجية ان ثمة تشابها بين حرب العراق وحرب فيتنام، وبدأ قصة بلا نهاية. قال بوش ايضا: «التقدم الذي حدث في مجال الحريات في هذه البلاد يجب ان يمنحنا الثقة في ان عملنا المضني في منطقة الشرق الاوسط يمكن ان يؤدي الى نفس النتائج التي حققناها في قارة آسيا إذا أبدينا نفس الحرص على تحقيق الاهداف المرجوة».

قال بوش ايضا: «ثمن انسحاب الاميركيين من فيتنام دفعه ملايين المواطنين الابرياء الذين أضافت آلامهم ومعاناتهم مفردات وعبارات جديدة مثل معسكرات إعادة التعليم وحقول الموت ولاجئي القوارب».

ساق بوش سببا آخر لتبرير بقاء القوات الاميركية في العراق، وقال في هذا السياق ان الولايات المتحدة اذا تركت العراق، فإن ذلك سيشجع الارهابيين ويدفعهم الى استغلال انتصارهم في ضمان مجندين جدد، واستطرد قائلا: «كما رأينا في 11 سبتمبر 2001، من الممكن ان يجلب أي ملاذ آمن للارهابيين على الجانب الآخر من العالم الدمار في شوارع مدننا. على العكس من فيتنام، اذا انسحبنا قبل استكمال المهمة في العراق، فإن هذا العدو سيتبعنا الى بلادنا، وهذا هو السبب في اننا يجب ان نهزمهم في الخارج من أجل أمن أميركا حتى لا نواجههم داخل البلاد».

السبب الأخير الذي ساقه بوش يتعلق بما قاله اسامة بن لادن وأيمن الظواهري في وقت سابق عندما قارنا بين الحرب في العراق وحرب فيتنام. بوش يعتقد في كلا الحربين. فقد قصد ان الولايات المتحدة انتصرت في حربها ضد اليابان وكوريا الجنوبية فيما خسرت في فيتنام لأنها لم تستكمل المهمة. لذا، فإن الولايات المتحدة الآن في مفترق طرق في العراق. ويجب عليها ان تحدد النمط الذي يفترض ان تتبعه: اليابان أم فيتنام؟ يدرك بوش ان حرب فيتنام كانت بمثابة درس لن تنساه اميركا. لذا فإن هذا السبب جعل بوش يقول: «هناك ثمن آخر لانسحابنا من فيتنام، ويمكن ان نسمع ذلك من خلال كلمات الأعداء الذين نواجههم اليوم، وهم الذين جاءوا الى اراضينا وقتلوا الآلاف من مواطنينا في 11 سبتمبر 2001».

قال اسامة بن لادن ان «الشعب الاميركي وقف ضد حرب الحكومة في فيتنام، ويجب ان يفعلوا ذلك الآن»، فيما أشار ايمن الظواهري في خطاب وجهه الى مدير عمليات القاعدة الى «انهيار سلطة اميركا في فيتنام وكيف انهم فروا وتركوا عملاءهم».

يعني ذلك ان فيتنام لا تزال جرحا مفتوحا في التاريخ المعاصر للولايات المتحدة.

لم تكن تلك هي المرة الاولى التي يقارن فيها الرئيس بوش العراق بفيتنام. فقد أجرت شبكة «إيه بي سي نيوز» لقاء مع بوش في 18 اكتوبر 2006 وجه خلاله مقدم البرنامج، ستيفانوبولوس، سؤالا الى بوش حول ما اذا كان يتفق مع وجهة نظر الكاتب الصحافي توماس فريدمان الذي كتب في «نيويورك تايمز» ان الوضع في العراق مشابه لما حدث في فيتنام قبل 40 عاما. أجاب بوش قائلا ان فريدمان ربما يكون على صواب. إلا ان هذه المقارنة اوجدت بعد مرور عام تقريبا جوا سلبيا ضد الرئيس بوش.

زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، هاري ريد، سارع بالتعليق على موقف بوش قائلا: «محاولة الرئيس بوش مقارنة الحرب في العراق بالنزاعات العسكرية السابقة في شرق آسيا تجاهلت الفارق الرئيسي بين النزاعين. شعبنا تعرض للتضليل من جانب ادارة بوش سعيا لضمان تأييد غزو العراق على اساس ذرائع كاذبة، الأمر الذي أدى الى واحد من أسوأ أخطاء السياسة الخارجية في تاريخنا».

وقال ماكنامارا، الذي عمل وزيرا للدفاع خلال الفترة من 1961 حتى 1968، انه كان بالإمكان منع حدوث هذه المأساة.

ترى، ما هي رؤية الرئيس بوش؟ انه معجب بقوة اميركا.

حرب فيتنام استمرت 15 عاما وأودت بحياة 58 ألف اميركي وثلاثة ملايين فيتنامي.

هل يريد بوش فيتنام اخرى بدون هزيمة او انسحاب؟ قدم بوش نفسه كرئيس في زمن حرب،على الرغم من انه قال «كنت اتمنى ألا اقول ذلك».

السؤال الآن: هل يعتقد بوش ان الحرب في العراق كارثة، على حد وصف ماكنامارا؟

وهل نستطيع القول ان الرئيس بوش في حاجة الى حزم امره؟ انه في حاجة الى قراءة الكثير عن الحرب في فيتنام. هناك تقرير نادر أعده البنتاغون وجرى تسريبه الى وسائل إعلام اميركية، وهو تقرير من 7000 صفحة، 3000 منها تحليلات، ويمكن القول انه افضل مصدر لفهم الحرب في فيتنام.

عقب قراءة هذا التقرير يتضح ان القوة العسكرية ليست عصا سحرية يمكن ان يستخدمها الرئيس بوش لحل كل المشاكل.

استمر بوش في خطابه في إبداء إعجابه بالقوة العسكرية للولايات المتحدة. فقد قال، على سبيل المثال، «اميركا حاربت في أماكن تمتد من نورماندي الى بوسان الى خي سون الى الكويت والصومال وكوسوفو وأفغانستان، وفي العراق لدينا اعظم قوة تحرير للبشرية عرفها العالم».

السلطة تسكر البعض أحيانا، وفي أحيان اخرى تصبح مثل المخدرات. ويبقى السؤال: ما هو وجه الشبه الرئيسي بين العراق وفيتنام؟

بالنسبة لي، كلاهما مأساة انسانية لن ينساها التاريخ ابدا.