أعطاها اسمه والسور والموت

TT

بنى الفراعنة الأهرام وبنوا مصر. وبنى هو السور العظيم ووحد الصين واعطاها اسمه. وكان أول أباطرة الصين يدعى تشن شي هوانغدي. ومنها اشتقت كلمة «تشاينا». وترك الفراعنة مقابر لما بعد الموت. وترك تشن جيشا من تماثيل الطين يقوم على حمايته بعد العودة. وعثر في قبره على جواهر نادرة وخريطة للسماوات محفورة بجواهر تمثل النجوم وخريطة كبرى للصين مع بحارها وانهرها.

ويعرض في المتحف البريطاني الآن في لندن جيش الامبراطور الأول الذي حكم الصين لفترة قصيرة قبل 2200 عام. وقد اختلف المؤرخون في سيرته. فهو خليط من العمار والجنون والابادة. انه موحد الدويلات المتناثرة في دولة كبرى. وهو الذي انشأ المراحل الأولى من السور العظيم. وهو الذي ضرب أول قطع نقدية بقيت تستخدم حتى الخمسينات من القرن الماضي، وهو الذي اسس بيروقراطية لا تزال قائمة منذ الفي عام «هي الأضخم في العالم، مكتظة بأهل العلم وتصل إلى ادنى عامل في آخر الصين» كما تقول فرانسس وود في كتابها الحديث «أول أباطرة الصين».

لكن رفات الأمبراطور الأول لا تزال ترقد في الضريح الضخم الذي بناه قرب مدينة كسيان إلى جانب محظياته. ومعهم رفات 700.000 عامل قيل انهم قتلوا من اجل ابقاء موقع الضريح سرا. وقد اكتشف بعض الفلاحين الضريح بالصدفة عام 1974م وهم يحفرون بئرا. ويبلغ طوله ثلاثة أميال.

لم يكن ينام ليلتين متواليتين في غرفة واحدة من غرف القصر، بل كان الخدم يحملونه إلى غرفة مختلفة كل ليلة. وهو أول من استخدم الشبهاء للتمويه. وأرسل الآلاف من الشبان إلى جبال «بنغالي» بحثا عن «اكسير الحياة» الاسطوري. وكلما عاد أحدهم من دون الاكسير أعدم. وأقدم على إعدام 460 أكاديميا. وخلال «الثورة الثقافية» علق ماوتسي تونغ على ذلك بافتخار «لقد دفن 460 اكاديميا احياء ونحن دفنا 46.000 أكاديمي وهم احياء».

وأباد الامبراطور الأول مئات الآلاف من الجيوش التي هزمها وقضى عشرات الآلاف في الاشغال الشاقة وهم يبنون السور العظيم. ومثل جميع الطغاة قرر ان يفرض اهواءه على العموم، فجعل اللون الأسود لون كل الأشياء والرقم 6 ذروة الأرقام. وكان على المسؤولين ان يعتمروا قبعات طولها 6 بوصات وعلى العربات ان يكون طولها 6 أقدام وكان للعربة الامبراطورية 6 خيول تجرها.

لكن كل ذلك لم يحم الأمبراطور من السخرية. فقد قال كبير قواده ان له صدر دجاجة وصوت ثعلب وقلب ذئب. وقيل انه كان لقيطا وابن احدى الجواري. إلا انه الرجل الذي اسس الدولة وقسمها إلى 36 اقليماً واقام عليها حكاماً عسكريين ومدنيين. ومات مسموماً بعد حكم لم يدم سوى عقد واحد بنى خلاله الصين والسور وجيشاً من الطين هما اهم معالم الصين اليوم.