إكسترا لارج!

TT

تصريح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي أعلن فيه رغبة بلاده الجادة «بملء الفراغ الأمني في حالة انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي العراقية»، تسبب في موجة من القلق والاضطراب في مناطق مختلفة من العراق نفسه ودول مجلس التعاون الخليجي. فالمنطقة عانت مر المعاناة من هوس «بسط» النفوذ خارج الحدود، وتصدير الأفكار مع التلويح الدائم بحسن النوايا، فالذاكرة لا تزال حية بمغامرات الزعيم الخالد في سورية واليمن فلا طال عنب الشام ولا بلح اليمن، وإنما خلف قتلى وجرحى بالمئات، وطبعا مغامرة المهيب الركن وغزوه للكويت مرة بأكذوبة حماية «انقلاب» كاذب، وبعدها للاستيلاء على البلاد وضمها، مع عدم إغفال روح تصدير الثورات تارة من الشرق والخمينية وتارة من الغرب.

من غير المنطقي اعتبار إيران طرفا «محايدا وموضوعيا» يستطيع أن يملأ الفراغ الهائل بعدالة وسوية بعد احتلال مرير وضحايا بالآلاف، فإيران «حاليا» تقوم باستقواء ومساعدة طرف على الآخر بكل قوة ووضوح، وتساهم عمليا في إذكاء روح الطائفية والفتنة (مع أطراف أخرى من دول الجوار، فلا تتحمل إيران هذا الأمر وحدها).

أي تدخل في الشأن العراقي، سواء كان بحجة ملء فراغ أو مساندة فريق أو حماية مصالح، هو تدخل في شأن دولة أخرى، ومحاولة تغيير الواقع على الأرض بشكل عملي، وهو أمر يجب أن يكون مرفوضا بكل وضوح ومن دون مجاملة أبدا. فلا يمكن استبدال احتلال سافر بآخر في طياته أجندة ذات أهداف غير بريئة، فما بين أطماع جغرافية، نفذ البعض منها ويصرح عن البعض الآخر بصورة خجولة، وما بين ثورة فكرية يتم العمل على تصديرها بالقوة الجبرية، وما بين رغبة في توسيع القاعدة العسكرية وإعادة أمجاد جيش صنف ذات مرة بأنه الرابع على مستوى العالم من ناحية الجاهزية والتقنية والعتاد، ناهيك من ماض كان مليئا بالانتصارات والمغامرات التوسعية لإمبراطورية غربت عنها الشمس.

العراق ليس بحاجة لمن يملأ فراغ من ينسحب منه.. العراق بحاجة لأن يترك بسلام من دون تحريك الآخرين لأجندتهم ونواياهم، فالمنطقة مؤججة بما فيه الكفاية، من دون الحاجة للمزيد من «الثقل الموجه» لنصرة كفة على الأخرى.

من الطبيعي جدا أن تنتاب منطقة الخليج حالة من القلق المسبب، وهم يسمعون تصريحات الرئيس الإيراني المتتالية، التي يؤكد فيها إنجاز خطوات البرنامج النووي الإيراني بحسب جدوله ورغبة السيطرة على العراق (فهذا هو المقصود من دون الحاجة لتنميق بجمل إعلامية)، ولذلك لن يكون من الممكن هضم هذه التصريحات في إطارها «السلمي» من دون أن تسمى هذه التصريحات «واسعة جدا».

[email protected]