«جول» في المرمى العلماني!

TT

الرئيس التركي الجديد أربك الناس حتى في اسمه؛ فمنهم من يكتبه «غل» كما تفعل صحيفتنا «الشرق الأوسط»، ومنهم من يكتبه «جول» كما هو اختيار BBC العربية وغيرها. الجميل في الاختيار الأخير أنه مطابق تماما لكلمة «جول» بمعنى الهدف في مباريات كرة القدم، فالرئيس التركي عبد الله جول هو فعلا «جول» سياسي بارع سدده حزب التنمية والعدالة الإسلامي في مرمى الفريق العلماني التركي.

والمثير أيضا في انتخاب الرئيس «جول»، أنه «جول» في مرمى يقف في حراسته الجيش التركي، وهو حارس مرمى بلطجي شرس شديد المراس مدرب على جندلة وعرقلة و«قص» رجل أي لاعب مهاجم من الأندية الإسلامية التركية يحاول أن يقترب من منطقة الـ 18 العلمانية، وقد ذاد هذا الحارس القبضايا عن مرماه طيلة العقود الماضية مستخدما الأساليب المسموحة والممنوعة، فصار كلما اقترب اللاعبون المهاجمون من الأحزاب الإسلامية التركية من المرمى العلماني لتسديد «جول»، سواء كان عبد الله أو أربكان أو أردوغان، تدخل حارس مرمى العلمانية ليعمل مخاشنة مع هؤلاء المهاجمين فيكسر ساق هذا، ويركل ذاك في بطنه، ويسقط الآخر أرضاً أو يدخله في إغماءة، وغاية حارس العلمانية المخاشن أن يحقق أحد إنجازين؛ إما عدم تمكين اللاعبين الإسلاميين من تسديد أي «جول»، أو أن يرى مهاجمي الأندية الإسلامية محمولين على نقالة الإسعاف خارج الملعب السياسي، وهذا فعلا ما حدث على ساحة الملاعب السياسية التركية طيلة العقود الماضية، إلى أن فلت «جول» هذه المرة من بين ساقي الحارس الديناصوري التركي ليتحول إلى «جول» ولا أروع، حتى اعتبره المراقبون من الأندية السياسية العالمية بسبب جماله وإثارته «جول» الموسم لهذا العام.

ليس اللافت هو براعة نادي العدالة والتنمية الإسلامي التركي في تسجيل «جول» في مرمى العلمانية التركية فقط، ولكن اللافت أيضا هو في التكتيك وخطط اللعب التي انتهجها فريق «العدالة والتنمية» في مبارياته التي خاضها طيلة الدوري السياسي التركي ضد الأندية العلمانية المنافسة، فمثلا كان من تعليمات المدرب «أردوغان» للاعبي نادي «التنمية والعدالة» التحلي بالصبر والحلم ضد مخاشنة واستفزازات لاعبي الفرق العلمانية، وخاصة «الجيش التركي» سادن مرمى العلمانية، وأوصاهم بالتركيز فقط على اللعب السياسي النظيف الذي يهدف إلى بناء الهجمة وتناقل الكرات بطريقة هادئة ومدروسة حتى الوصول إلى مرمى الخصم وتحقيق «جول» الفوز.

تغيير التكتيك وصاحب التكتيك عند الحاجة ضروري، ولهذا فاللاعبون الإسلاميون في الدوري السياسي التركي لم يتشبثوا بمدربهم المخضرم «نجم الدين أربكان»، حيث أنهم لما لاحظوا الفشل في خطط المدرب أربكان وتكتيكاته وهزيمة فريقه في كل منازلات الأندية العلمانية الأخرى مما أدى إلى الإخفاق في الحصول على كأس الدوري السياسي التركي مرات عديدة، حينها اتخذ اللاعبون الرئيسيون «أردوغان» و«جول» قرارا بتنحية المدرب «أربكان»، وصار «أردوغان» المدرب الرئيسي و«جول» مساعده، وهذا معروف في الساحة الرياضية حين يتحول بعض اللاعبين إلى مدربين متميزين، فخاض النادي الجديد «العدالة والتنمية» بمدربه الجديد مباريات أندية الدرجة الأولى ففازوا برئاسة البلديات؛ ومنها انتقلوا للدوري الممتاز فنازلو الأندية العلمانية الممتازة وفازوا بالانتخابات التشريعية إلى أن حانت مباراة الكأس النهائية حينها سدد فريق العدالة «جول» الانتصار ليكون «جولا» رئيسا لاتحاد الكرة السياسية التركية كلها.

المتفرجون من مدربي ولاعبي ومشجعي الأندية الإسلامية السياسية العربية لما رأوا الرئيس عبد الله «جول» داخل المرمى العلماني التركي صرخوا فرحين مبتهجين «جوووووووول»، لكن بعضهم فاته التفكير والنظر في التكتيك والخطط التي انتهجها فريق «العدالة والتنمية» في إدخال الرئيس «جول» في المرمى العلماني التركي.

[email protected]