العراق.. واقع وفرص

TT

هناك واقع في العراق، وحوله، لا يمكن تجاهله خصوصا مع انسحاب القوات البريطانية من البصرة، وخطورة أن يندلع قتال هناك بين ميليشيات شيعية ـ شيعية متناحرة، وتحديدا بين أنصار الصدر، وأنصار عبد العزيز الحكيم.

كما أن هناك واقعا آخر وهو تسليم القوات المتعددة الجنسيات الملف الأمني في ديالى إلى القوات الأمنية العراقية.

ومهم أن نتذكر أن كلا من السعودية والإمارات قد أوفدتا بعثة دبلوماسية للبحث عن مقر لسفارتيهما في بغداد، وهذا يعني حراكا عربيا بات يقدر بشكل كبير خطورة الوضع في العراق.

أمر آخر لا يمكن تجاهله في الجوار العراقي وهو فوز السياسي المتمرس هاشمي رفسنجاني برئاسة مجلس الخبراء الإيراني، ذي الأهمية البالغة داخل المشهد الإيراني.

وقبل يومين كنت على الهاتف مع إحدى القيادات العراقية التي أثق بها، سألته عن أحواله في العراق، خصوصا وقد أزعجني صوته، فقال «يمرضني حال العراق... إيران تعبث ببلادي بشكل غير معقول»!

وعليه، السيد هاشمي رفسنجاني، وإذا لم تتعرض إيران إلى ضربة عسكرية من الخارج، ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية في طهران، قد لا ينزل أحمدي نجادي من الشجرة كما يقال، بل قد يقذف به من فوقها.

السيد رفسنجاني ليس «بهاشمي جيفرسون» حتى يتمنى رؤية عراق حر، مستقل، بعيدا عن التأثير الإيراني، لكنه سياسي متمرس وعاقل، أظهر فيما سبق أنه قادر على تقدير الأمور. وبالتأكيد إنه أفضل في العمليات الحسابية من أحمدي نجاد، ومن خلفه. ولا يمكن تجاهل فوزه في الانتخابات مع الانقلاب في الحرس الثوري والذي قد يبدو أنه كان حركة سريعة خاطفة لحماية الصف الأخير الحساس في لوحة الشطرنج.

إضافة إلى كل ما سلف هناك زيارة الرئيس الأميركي للأنبار، ولقاؤه مع شيوخ عشائر سنية، وهذا تحول مهم، لو أحسنت القيادات السنية التعامل معه. ومع أن تحفظات السيد نوري المالكي حول تسليح السنة في العراق على اعتبار أنها قد تشكل خطرا يصل إلى الصراع المسلح بين السنة والشيعة، صحيحة، إلا أن تسليح تلك العشائر لمواجهة «القاعدة» قد يكون فرصة لإعادة توحيد الصف العراقي لو أحسن رئيس الوزراء العراقي استغلالها، وتجنب إقصاء بعض العراقيين، وأمر وفرض نظاما لحل الميليشيات الشيعية وبالتالي السنية، لتكون السلطة للدولة العراقية، لا للميليشيات.

هذه وقائع تحققت في بحر اليومين الماضيين، كلها يمكن اعتبارها مؤشرات على أمل أن ينتشل العراق من الوحل الذي وقع فيه، ولتحقيق ذلك تتطلب هذه المرحلة جهدا عربيا ينطلق من واقع ادراك خطورة عراق اليوم على مستقبل المنطقة.

كما أنه من المهم تجنيب العراق من أن يصبح كرة يتقاذفها الديموقراطيون والجمهوريون، العارفون منهم بأمور المنطقة أو الجهلة منهم، وهذا لا يـأتي إلا بجهد عراقي ذاتي يغلب المصالح الوطنية، وهذا لن يتحقق بدون تحرك عربي مع جميع الأطراف العراقية.

تحرك لا يهمل العشائر، أو الميليشيات، ولا يتجاهل المعركة القادمة حول مصير كركوك، وهي معركة بشعة لو اندلعت.

ما أريد قوله هو أن هناك بصيصا من أمل، فهل هناك ساسة على قدر هذه المسؤولية؟ هنا السؤال!

[email protected]