حرف (السين) ومشتقاته

TT

سألني: أليس صحيحاً أن من علمني حرفاً صرت له عبداً؟!، قلت له: ليس صحيحاً ولو كان ذلك لأصبح كل تلاميذ العالم عبيداً، وكل أساتذة العالم مستعبدين.

قال: لا تأخذ الموضوع بهذه الحساسية، فالمسألة ما هي إلاّ (ضرب مثل).

ـ إذا كان ذلك، فمن الممكن أن أتجاوز، و(أفّوتها) وأوافقك على ما ذكرت.

ـ إذن سوف أقدم لك خدمة مجانية بدون أي مقابل.

ـ إذا كانت بدون مقابل، فالشيء (البلاش) ربحه (هيّن) ومضمون، فأسرع بتقديمها.

ـ هذه الخدمة اعتبرها نصيحة أو معلومة أو دعوة لك لكي تحسن من وضعك وشخصيتك، وتكون بالتالي جديراً بأن تعيش أيامك.

ـ ما هي يا عزيزي، أو إذا أردت أن أدعوك (بيا سيدي)، ما عندي مشكلة ولا مانع، المهم أسرع وقلها.

ـ إنني أتحدث معك بالتليفون الآن، ولا أريد لحديثي (الشفهي) هذا أن يذهب هباء وتنساه، فإذا كان لديك ورقة وقلم فاكتب ما سوف أمليه عليك، وإلاّ أغلقت السماعة في وجهك.

ـ لحظة من فضلك، ها أنذا أحضرت ورقة ومرسمة، (فعّجل) ـ أقصد أسرع ـ

ـ كم عدد ساعات اليوم ؟!

ـ هي 24 ساعة ـ إن لم تخنّي الذاكرة ـ

ـ جميل، إذا استطعت أن تستغل منها 12 ساعة فقط استغلالاً حسناً، تكون قد حققت نجاحاً سوف تجني ثماره في ما بعد لو انك واصلت وثابرت عليه، وهذا الاستغلال أو الطريقة التي سوف أدلك عليها تبدأ دائماً بحرف (السين).

ـ والله عجيبة، ما دخل هذا الحرف (المسرسع) بالنجاح وجني الثمار ؟!

ـ أنا أقولك، واسمعني جيداً، ولا تكن ثقيل الفهم، أولاً: املأ رئتيك بالهواء، وقل لنفسك بصرامة وجدّيه: إنني سأحاول أن أعيش يومي كما لم أعشه من قبل.. سأضع لنفسي نظاماً معيناً.. سأكون سعيداً حتى لو لم أجد ما يدعوني لذلك.. سأحاول أن أكيف نفسي مع من أقابلهم.. سأحاول أن أضاعف قوتي الذهنية.. سأحاول أن أبدد الخوف من نفسي.. سأتعلم شيئاً نافعاً مهما كان بسيطاً.. سأحاول أن افعل معروفاً لأي إنسان حتى لو كان ذلك المعروف هو (السلام عليكم).. سأتمتع بالجمال ولن أتركه يفلت مني.. سأتلذذ بالطعام والشراب.. سأحرك جسدي في كل الاتجاهات بحرية وتناسق لأن (لبدني عليّ حقا).. سأبدع في ذلك اليوم إبداعاً، قد لا يكون مؤثراً، ولكنه على أية حال إبداع.

هذه يا عزيزي هي الأعمدة (الاثنا عشر) للعيش اليومي، فهل لديك الرغبة والقدرة والكفاءة لأن تسير على هذا النهج؟!

ـ الرغبة أكيد موجودة، أما القدرة أو الكفاءة فمشكوك بها (والله العالم بها).. على أي حال مشكور، وما قصرت، وسأحاول، والآن أنت علمتني حرف (س)، فهل تطمع أن أكون لك عبداً؟! فنظر إلى ملامحي وسحنتي، ويبدو لي أنها لم تعجبه، فأخذ يهز رأسه يمنة ويسرة، علامة الرفض القاطع.

فأنهيت كلامي معه قائلاً: إنني سوف اختصر الاثنتي عشرة نصيحة التي زودتني بها (بسين) واحدة وهي.. إنني سوف أحب حباً لو زرعته في قلب غراب اسود لتحول إلى حمامة بيضاء، أو طاووس متغطرس أحمق، أو إلى ببغاء بليغ ومهذار، أو إلى بلبل يصدح ويغني مثلما غنى شعبان عبد الرحيم عندما أحب عمرو موسى من أول نظرة، وكره إسرائيل من نصف نظرة.

[email protected]