كوسة بنت باذنجان

TT

اعتدنا كما اعتادت سائر الشعوب الاخرى على تسمية أولادنا بأسماء الازهار والورود. هكذا تسمع عن فتاة اسمها ياسمين او زهرة او نرجس او زعفران او ازهار او كاميليا. هذه اسماء قد تصلح للشعوب المترفة التي اعتاد ابناؤها على مشاهدة الزهور حيثما ساروا او جلسوا. ما دورنا في ذلك وهم معظم الشعوب العربية ينصب على الأكل؟

اعتقد ان من اللياقة والحكمة ان نغير هذا النهج فنسمي ابناءنا وبناتنا بما يتناسب مع حاجاتنا وتمنياتنا. وتأتي المأكولات في اول القائمة.

باستطاعة الادباء والشعراء والفنانين ان يقودوا الجمهور بتسمية اولادهم بأسماء الخضروات والأكلات، المطبوخ منها وغير المطبوخ، مثلا قرع وكوسة وباذنجان وبطاطا. ولهذه الاسماء تميزها. فلا يمكن ان يوجد في العالم اكثر من رجل واحد اسمه باذنجان. واذا وجد اكثر من باذنجان واحد بفعل التقليد الاعمى الذي اعتادت عليه امتنا, فتواجد استاذان في جامعة واحدة كل منهما اسمه باذنجان, فإن الجيل الثاني سيضمن التمييز بينهما عندما يرزقان بأولاد فيسمي احدهما ابنه البكر «بقدونس» في حين يسمي الآخر ابنته باميا او فاصوليا. وعندما يتزوج هذان، كما يحدث دائما بين ابناء الاساتذة حرصا على بقاء العلم ضمن اسرة العلماء، فسيعلن قرانهما بهذه العبارات: «تم عقد قران الاستاذ النابغة بقدونس ابن البروفسور باذنجان البطاطسي على الآنسة ذات الشرف المصون والادب المكنون باميا الطماطمائي كريمة البروفسور خس الطماطمائي. وحضر الحفل عدد غفير من البطاطس والخيار والمشمش».

ولا يخفى على احد ان هذه كلها اسماء متميزة تعبر عن اماني الأمة ومواهب ابنائها. فعندما تقرأ بحثا عن اوزان الفراهيدي واثرها على نسبية انشتاين بقلم البروفسور ملفوف بن بطيخ بن خيار الشواطئ تدرك حالا انه بحث كتبه رجل فريد لا مثيل له. بعبارة اخرى انه فريد عصره ووحيد امته. اين يمكنك ان تجد بين صفوف العلماء والفائزين بجائزة نوبل رجلا يحمل اسم فول بن بطيخ او بروفسورة باسم فلافل بنت طرشي؟

وينبغي الا ننسى التوابل والمطيبات والسلطة. فلفل بن ملح الأرض مثلا، او بصلة بنت ثوم الجبل. وهذه اسماء تصلح تماما لمن يتولى ادارة الحسابات والضريبة. تذهب لمراجعة عريضتك فتكتشف بأنها مازالت مع الدكتور فلفل يفلي بها ويفلفل. وتضطر عندئذ الى الشكوى لدى سعادة المدير خس البنجري.

لا أدري أي شعور قد بدأ ينتاب القارئ الآن ولكنني واثق انه بدأ يشم رائحة البصل والثوم والكاري. وهذه فائدة اضافية لهذه التسميات. إنها تجعل المواطن يعتقد ان بلاده في خير وكل شيء متوفر فيها. وعندما تسمع شخصا يتذمر بأنه لا توجد فاصوليا او بطاطا في البلد تستطيع ان تدحض افتراءه وتتهمه بترويج اشاعات صهيونية فتقول له كيف ذلك، لقد رأيتها في طريقي لابسة تنورة مني جوب وسترة ماركة تفاح عجم. كيف تقول انها غير موجودة؟