زعيم «القاعدة».. و«الصبغة» الجديدة

TT

فرقة الحشاشين، وهي الفرقة الأولى والأشهر في عالم الاغتيال المنظم، والتي أسسها حسن الصباح، كان يعتمد على أن تدخن مجموعة المقاتلين التي معه نبتة الحشيشة لتذهب عقولهم، وبالتالي يكونون قادرين على القيام بكل ما هو مقبول وغير مقبول للعقل، واليوم وبذات المنهجية الميكافيلية في كيفية أن الغاية تبرر كل وسيلة، تسعى المجموعة الطالبانية الإرهابية في حقول وكهوف افغانستان لتكثيف زراعة زهرة الخشخاش، والتي يستخرج منها مخدر الأفيون المدمر وبيعها بأغلى الاثمان، وطبعا هذا مال حلال، غض عنه أبصار من يفتي.

ومن رحم كل ذلك، يخرج ويستمر تنظيم القاعدة في نشر سمومه وفكره المدمر، ويخرج للعالم من جديد زعيم هذا التنظيم بشريط فيديو كليب إرهابي مدعوما بـ«نيو لوك». فالشريط يحمل «صبغة» جديدة، صبغة الاهتمام بالمظهر والتنظير في المال والاقتصاد والسياسة، ولم يكن ينقص هذا الشريط سوى الاعلان أنه برعاية شركتي «كليرول» أو «لوريال» أشهر مصنعي صبغات الشعر بالعالم. وبغض النظر عن حملات التشكيك بالشريط وبالصوت وبالصورة التي فيه، وكيف أن زعيم التنظيم لم يغير ملابسه ولا ديكور الشريط عن آخر تسجيل ظهر فيه، يبقى مصدر قلق كبير للمتابع العقلاني عما يحدث بالمنطقة من حجم التأييد والتعاطف مع هكذا فكر وهكذا قيادة.

الآلاف من الأبرياء لقوا حتفهم وعاشوا في رعب وذعر، بينما التنظير لا يزال مستمرا عبر أفلام وستوديوهات «تورا وود». والأدهى والأمر أنه لا تزال بعض الاقلام والوسائل الاعلامية تعرف هذا الزعيم بلقب «شيخ» قبل اسمه، وليس ذلك بمستغرب في زمن بات فيه لفظ شيخ يطلق على كل من هب ودب.

التمسك والتعلق بأسطورة تنظيم القاعدة وزعيمها هو افلاس ما بعده افلاس، لا فرق بينها وبين عبادة الشيطان، فالكل يعتقد بالخلاص في توجهه مهما كان ظاهريا خطأ هذا التوجه.

سجل تنظيم القاعدة أسود وأفعاله قبيحة، ويبقى الهم الحقيقي هو الطلاق البائن الذي طال انتظاره بين المرجعية الفكرية لهذا التنظيم من آراء وأدبيات والتي لا تزال بيننا، وبين الخط التعليمي والتوعوي والدعوي في البلدان الاسلامية، والذي لا يزال يتبنى المهم منها في خطابه اليومي.

العالم لم يعد مستعدا لسماع الخطابات التبريرية والاعتذارية والتي تقول «أنتم فاهمين المسألة خطأ» والحق أن هناك بعض النقط في المسألة نفسها.. خطأ فادح. وإذا لم تحصل مواجهة من هذا النوع فسيستمر نهج الحشاشين والمساطيل وليالي الأنس والموت.