هذا هو الحب الختامي!

TT

عزيزتي الإيطالية سينا روصنم..

والله لم أفعل شيئاً إلا أن أقوم بمعجزة من حين إلى حين. فليس أسهل من تحويل المادة إلى طاقة. أشعلي عوداً من الكبريت.. ولكن المعجزة هي أن تتحول الطاقة إلى مادة. وهذا ما فعلت وما أفعل.. فأجدني قد حولت دنياي إلى شيء تافه.. إلى كرة صغيرة أركلها بقدمي.. وهذه هي نهاية كل شيء. فكل الذي رأيت وسمعت وتخيلت وتوهمت وكسبت واكتسبت لم يعد شيئاً. لم أعد أجد شيئاً له قيمة.. ما هذا الذي شغلني؟ كلام فارغ. ما هذا الذي ترسب في دماغي؟ سخافات.. ما الذي أقول ما الذي أكتبه ما الذي أقرأ. كل هذا دخان.. بخار.. هباء.. تفاهة.. هيافة.. عدم.. فلا أخذني ولا أضفت ولا تبقى ولن يبقى أي شيء من أي شيء..

انظر إلى المكتب أمامي وورائي وفي يدي كلام في كلام.. أصوات في أصداء.. شعر.. نثر.. هباء هراء..

والله العظيم لا أكذب ولا أبالغ ولا أطلب دهشة ولا شفقة. ولما سألوا العالم الفيزيائي الكبير أينشتين ما الذي علمه وتعلمه وتركه وراءه قال: إنني أضفت طابع بريد إلى مسلة فرعونية..

ولما سألوا العالم الفيزيائي الأعظم نيوتن قال: إنه يلعب بأحجار ملونة على شاطئ محيط الحقيقة!

أعرف أنك تنتظرين مني أن أحدثك عن الحب ـ فهذا هو الذي يهم أكثر.. يهمك أكثر. ولا حتى هذا.. فأنا أشبه بالبوصلة أصابتني هزة. رجفة عندما اقتربت منك.. أو عندما أذكرك.. أفكر فيك.. وأرثي لحالك.. أما حالي فلا أرثي له.. ولن يرثي له أحد.. فالشيء الوحيد المؤكد في حياتي، أنني لا أهم أحداً. ولست مصدر لا حزن ولا سعادة.. وإن كان فلحظات. والباقي ذكرى ولأنها ذكرى فهي قصيرة العمر. صدقيني إنني لا أحاول أن أحول الأرقام إلى أصفار. فنحن أصفار.. ألف صفر.. مليون صفر. ونحن من حين إلى حين نضع وراء الأصفار أرقاماً.. قبلها بعدها.. ونصدق ذلك.

والعبارة التي قالها أستاذنا الفيلسوف العظيم شوبنهور صحيحة. قال: إذا أردت أن تجعل للدنيا قيمة، فاجعل لنفسك قيمة. أما قيمتي فقد حكيت لك عنها. وهي كما ترين تفاعل كيماوي يومي ومن سنوات.. صفر+ صفر = صفراً.. صفر ـ صفر = صفراً أيضاً.

هل استرحت هل أرحت؟ والجواب: لا .. فأنا لم أنهل من بحار الحكمة. وإنما غرقت فيها. وما دمت قد غرقت فيستوي أنني عرفت أو أنني لم أعرف.. ويستوي إذا كان الذي عرفته فيه بحراً من الحكمة أو من التفاهة أو العدم!