خيبة أمل جديدة

TT

التقرير الذي طال انتظاره بخصوص الاحتلال الأمريكي للعراق تم اصداره، وقام كل من الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الأمريكية بالعراق، والسفير الأمريكي هناك رايان كروكر، بتقديم شهادتهما أمام لجنة مشكلة من الكونغرس الأمريكي، ولقد تمت «إدارة» هذه المناسبة من قبل الادارة الأمريكية بحرفية واضحة لتحقيق أفضل المكاسب الممكنة من هذه المناسبة، فلقد تم تحديد موعد الشهادة أمام الكونغرس ليكون قبيل الذكرى السادسة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر الارهابية، وليكون تناول وسائل الاعلام المختلفة للشهادة في «نفس» يوم الذكرى الأليمة.

وقد تم الترويج المقنن لشخصية الجنرال ديفيد بترايوس وتقديمه «كأفضل جنرال أمريكي منذ 40 سنة» بحسب المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري السيناتور جون ماكين، صاحب السجل العسكري المهم، متقدما في هذا التصنيف على الكثير من القادة العسكريين المعاصرين أمثال نورمان شوارتسكوف، ووسلي كلارك، جون أبي زيد، مايرز، كولن باول وغيرهم، وهو أمر يصعب هضمه بسهولة، وبعد إدلائهما بشهادتيهما أمام الكونغرس قاما بظهور اعلامي محدد جدا على الشاشة الأكثر تعاطفا مع الحرب على العراق، وهي قناة فوكس، وهو ظهور انفرادي للمحطة، وكانت الاسئلة «مخففة» وشديدة التعاطف مع توجه الضيفين.

ولم يكن مفاجئا ما قاله الجنرال، فهو «حذر» من الانسحاب المبكر من العراق، والأخطار المترتبة على ذلك، ولكنه وفي محاولة لتطمين المعارضين للحرب أفاد بإمكانية سحب لواء من هناك في صيف 2008، ووصف أحد أقطاب الحزب الديمقراطي هذه الفكرة بأنها رشوة رخيصة لكسب التأييد لما طرح من أفكار.

في خطوة استباقية لافتة، قامت احدى المجموعات المعارضة للحرب وهي «مووف أون» بنشر إعلان ضخم في صحيفة «النيويورك تايمز» تحذر الجنرال بترايوس من «الكذب على الشعب الامريكي» في شهادته أمام الكونغرس.

واقع الأمر أن الاحتلال الأمريكي للعراق هو بضاعة غير قابلة للتسويق، والزبائن لم يعودوا مقتنعين بالشراء، ولكن الازمة تكمن في عدم وجود قيادة حقيقية بالحزب الديمقراطي قادرة على توحيد الجهود الكبيرة المعارضة للحرب، وربما يكون السفير الأمريكي رايان كروكر في لقائه مع محطة «فوكس» قد وضح مفهومه للنصر وتحقيق الأهداف وهو العمل الجاد تحقيق قانون النفط والمشاركة في الدخل! فلم يعد هناك «هم» نشر الديمقراطية في العراق أو احلال السلام فيه أو منع الحرب الاهلية وغيرها من الشعارات المؤقتة التي كانت تنطلق من الماكينة الاعلامية للقطاعات المؤيدة للحرب ولا تزال، ولكن أمريكا تشهد أصواتا متزايدة باتت غير مقتنعة بأسباب الحرب على العراق ولا الأدلة التي قدمت لأجل ذلك، وحتى التقرير الذي روجت له الادارة طويلا بأنه سيكون الدليل القوي على أنها تسير في الطريق السليم جاء غير مقنع ودليلا جديدا على فشلها.