هل يفوز الديموقراطيون عام 2008؟

TT

قدم جورج دبليو بوش خطابه الوداعي مساء الخميس ـ مسلماً عصا القيادة، وربما الانتخـابـات القــادمة الى الديموقراطيين.

لماذا اقول ذلك؟ لأن الرئيس قال بصفة اساسية، في خطابه للامة حول اهم ارثه، وارثه الوحيد حقا في رئاسته، العراق، بعدم وجود تغيير في السياسة ـ وان عددا اساسيا من القوات الاميركية سيبقى في العراق «بعد رئاستي». ولذا سيرجع الامر الى خلفه في انهاء الحرب التي بدأها هو.

وأوضح دافيد روثكوف العالم الزائر في مؤسسة كارنيغي «في خطوة واحدة تنازل جورج بوش لبترايوس والمالكي والديموقراطيين»، مشيرا الى الجنرال ديفيد بترايوس ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وأضاف روثكوف «ترك بوش لبترايوس التعامل مع الحرب، وللمالكي التعامل مع برنامجنا الزمني وبالتالي صكوكنا، وللديموقراطيين التوصل الى طريقة لإنهاء ذلك».

والأمر السيئ بالنسبة للشعب الاميركي هو انه لم يعد لدينا قائد اعلى يشكل وضعنا الحقيقي والخيارات المتاحة. وكان وصف الرئيس يوم الخميس للمجازفات في العراق مضللا. حليف عراقي يقاتل من اجل «الحرية» ضد «المتطرفين»؟ يوجد متطرفون في الحكومة العراقية والجيش والشرطة. وتوجد حرب اهلية بالإضافة الى الحروب القبلية وحروب الاحياء وحروب الجهاديين، لا يحركها سعي عراقي واحد من اجل الحرية، ولكن العديد من المساعي من اجل «عدالة» الانتقام، والديموقراطية. والنتيجة المحتملة الوحيدة على المدى القصير هي نوع من الفيدرالية الراديكالية.

كما ليس لدينا قائد اعلى يوازن ما بين تكلفة البقاء في العراق للابد ومصالح اميركا الاخرى في الداخل والخارج. وعندما اكد بترايوس بأمانة انه لا يمكنه القول ما اذا كانت زيادة القوات في العراق سيجعل اميركا اكثر سلامة، فانه فهم كيف انفصلت الحرب هناك عن كل الاهداف ذات القيمة – نشر الديموقراطية في العراق او نشر الحكم التقدمي في العالم العربي الاسلامي ـ وأصبحت الان تتعلق بذاتها وبمجرد «الفوز» او «عدم الفشل».

وهذا هو السبب في اعتقادي ان اهم التعليقات من جلسة الاستماع لبترايوس في الاسبوع الماضي، كانت تلك التي قدمها رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب ايك سكلتون، عندما قال في البداية:

«يجب ان نبدأ في دراسة الامن الشامل لهذه الامة. ان مسؤوليتنا في الكونغرس طبقا للدستور هي ضمان قدرة القوات المسلحة على مواجهة أي تهديد لمصالحنا في أي مكان. والعراق قطعة هامة من المعادلة الشاملة، ولكنها جزء منه. وهناك مقايضة عندما ترسل 160 الف من رجالنا ونسائنا الى العراق. فهذه القوات ليست متوفرة لمهام اخرى».

وفي الوقت الذي ادت فيه استقالة بوش الضمنية في الاسبوع الماضي الى زيادة احتمالات فوز الديموقراطيين في عام 2008، فهناك عدة احتمالات يمكنها تغيير الامور: تغيير يشبه المعجزة في العراق (غير مرجح، ولكن يمكنك التمسك بالأمل دائما)، هجوم ارهابي على اميركا، انقلاب في باكستان يضع اسلحة نووية في يد راديكاليين اسلاميين، او ركود اقتصادي بسبب انهيار سوق القروض الاسكانية، يجبرنا على اختيار انقاذ بغداد او شيكاغو.

الاحتمالات الثلاثة الاولى يمكنها دفع المرشح الديموقراطي المناسب الى قلب الاحداث ـ ولا سيما اذا لم يضع الديموقراطيون انفسهم في منطق مقبول بالنسبة للعراق وقضايا الامن الوطني التي تواجه البلاد.

وهناك فرصة الان بالنسبة للديموقراطيين، وسيستمع الاميركيون ـ ولكنهم في حاجة الى وضع سياسة محددة نهائية، ويجب ان تشمل ثلاثة عناصر:

اولاً برنامج تفصيلي بتواريخ انسحاب محددة مرتبطة بالمفاوضات مع الاجنحة العراقية حول حل فيدرالي مرتبط بخطة إعادة نشر عسكرية لاحتواء العواقب القادمة من العراق.

ثانيا، التزام من الرئيس القادم بفرض جمارك صارمة على واردات النفط الخام، لكي نضمن ان نصبح اقل اعتمادا على شرق اوسط اقل استقرارا ونحن نغادر العراق. وثالثا خطة للتعامل مع التحديات الارهابية واسعة النطاق. تحديد تاريخ. وسعر. يلفت انتباه الناس.

ان المرشحين الديموقراطيين يتحدثون عن الرعاية الصحية وغيرها من القضايا الهامة، ولكن رسالة السياسة الخارجية التي يطرحونها على الكثير من الاميركيين، كما يوضح روثكوف، هي ان الديموقراطيين هم ببساطة «يعادون بوش والحرب والتجارة». كن حذرا فبالرغم من الفوضى التي تسبب فيها بوش في العالم، او ربما بسببها، فلن يسلم الاميركيون المفاتيح الى ديموقراطي لا يقدم مصداقية «شجاعة» بشأن الامن الوطني.

* خدمة «نيويورك تايمز»