عن الإرهاب.. 5 أساطير

TT

بعد 6 سنوات من هجمات 11 سبتمبر لا يزال هناك العديد من الأميركيين الذين لديهم فكرة غامضة عن دوافع أو عدم دوافع الإرهابيين. ولا يساعد الأمر استغلال العديد من السياسيين القلق الذي يثيره الإرهابيون للترويج لأجندتهم الخاصة. وفي ما يلي 5 أساطير حضرية:

1 – الإرهاب عمل عشوائي تنفذه مجموعة من غير العقلانيين الذين يكرهون أسلوب حياتنا.

لو كان الأمر بهذه السهولة. في الواقع فإن الإرهابيين يتصرفون من منطلق مظالم جيوبوليتيكية، وليس كراهية عمياء. وأجندة الجماعات الإرهابية الفردية مختلفة، ولكن تكتيكاتهم هي نفسها تقريبا: نشر الخوف والاضطراب بتعمد استهداف مدنيين لكي يرهبوا دولة ما لتغيير سياستها.

ولذا فإن الحسابات السياسية أساسية هنا. فأبناء دولة ما تحتل دولة أخرى، على سبيل المثال، أكثر عرضة لاستهداف الإرهابيين. وبالإضافة الى ذلك فإن الديمقراطيات الثرية أكثر ترجيحا لأن تصبح هدفا لضربات الإرهابيين أكثر من النظم الشمولية، وهو ما يشير الى أن الإرهابيين يتعمدون ضرب البلاد المعرضة لضغوط من الرأي العام.

والسبب الآخر لعدم شن هجمات إرهابية عشوائية، هو أنها مؤقتة لكي تحدث عندما يمكن أن تؤدي الى أكبر تأثير ممكن، مثل عشية انتخابات رئيسية. ففي إسرائيل على سبيل المثال فإن هجمات الإرهابيين الفلسطينيين التي تهدف الى تخريب محادثات السلام أكثر وقوعا قبل الانتخابات عندما تحتفظ حكومات يسارية بالسلطة، على أمل دفع الناخب الإسرائيلي لانتخاب نظام أكثر تطرفا، طبقا لأبحاث أجراها كلود بربي من مؤسسة راند واستيفان كلور من الجامعة العبرية في القدس.

كما يوجد منطق صارم في ما يتعلق بالتوقيت الذي يختاره الإرهابيون لتنفيذ عملياتهم، التي تشير أيضا الى إيقاع أبعد ما يكون عن العشوائية. فتحليل لمعلومات الحكومة الأميركية من المركز الوطني لمكافحة الإرهاب الوطني تشير الى انه من المرجح أن ينفذ الإرهابيون أعمالهم في الصباح ـ في الوقت الذي يدخل فيه اليوم دورة إخبارية جديدة.

2 ـ الإرهابيون لا يختلفون عن المجرمين العاديين.

خطأ. يميل المجرمون الى الفقر وعدم التعلم. بينما يأتي الإرهابيون من أسر دخلها فوق المتوسط، وهم عادة يتمتعون بقدرات تعليمية جيدة. فعلى سبيل المثال تبين لجيتكا ماكوفا، من مؤسسة راسل للحكمة، ولشخصي كذلك، أن عدد أعضاء الجناح العسكري لحزب الله الشيعي الراديكالي الذين قتلوا في عمليات في الثمانينات وأوائل التسعينات أفضل تعليما وأقل فقرا من اللبناني المتوسط. ووجد باحثون آخرون نتائج مشابهة بالنسبة لجماعات إرهابية أخرى. والأشخاص الذين ينتمون لمنظمات إرهابية لديهم وظائف مشروعة ذات رواتب جيدة، على العكس من المجرمين العاديين.

3 ـ من المرجح عبور الإرهابيين للولايات المتحدة من المكسيك

خدعة مفضلة لبعض النشطاء والسياسيين الذين يرغبون في تقييد الهجرة وبناء سور على الحدود المكسيكية ـ الاميركية. ولكن السجلات التاريخية لا تؤكد ذلك. بالطبع، ليس الماضي بالضرورة مؤشرا جيدا للمستقبل، ولكن نادرا ما عبر الإرهابيون للولايات المتحدة من المكسيك. وفي دراسة أجراها أخيرا معهد نيكسون لـ373 إرهابيا إسلاميا، توصل روبرت ليكن وستيفن بروك الى ما يلي: بالرغم من التحذيرات الواسعة النطاق التي تتردد حول تسلل الإرهابيين من المكسيك، لم نجد إرهابيا واحدا في المكسيك ولا إرهابيا دخل الولايات المتحدة من المكسيك». وبالمقارنة فقد وجد المؤلف أن «مجموعة كبيرة من الإرهابيين في كندا وعدة إرهابيين في كندا دخلوا الولايات المتحدة». فعلى سبيل المثال أحمد رسام، الإرهابي الجزائري الذي حاول نسف مطار لوس انجليس الدولي في ديسمبر 1999 قبض عليه وهو يحاول عبور الحدود من كندا الى ولاية واشنطن.

4 ـ المسلمون هم الذين يرتكبون الإرهاب بشكل اساسي.

خطأ. لا يوجد دين يهيمن على الإرهاب. لكل ديانة واسعة أتباع متورطون في الإرهاب. (سريلانكا على سبيل المثال عاشت لعقود في صراع مع حركة نمور تحرير تاميل إيلام وهي منظمة كانت رائدة في مجال التفجيرات الانتحارية كتكتيك إرهابي من أجل الوصول إلى تشكيل دولة خاصة بالأقلية التاميلية التي تعتنق الهندوسية). وعلى الرغم من أن الإرهابيين المتطرفين الإسلاميين هم موضوع قلق الحاضر بسبب هجمات 11 سبتمبر والعراق فإن المعلومات تظهر أن الدين السائد في بلد ليس مؤشرا على ما إذا كان سكانه سيصبحون متورطين في الإرهاب

ففي كل الأحوال، كان أشرار من داخل أميركا مثل تيموثي ماكفي ومن يدعى بـ «يونابوبر» أكثر الإرهابيين بشاعة. وهذا منطقي؛ لأن أكثر الحوادث الإرهابية هي محلية، مدفوعة باهتمامات محلية وتنفذ على أيدي سكان محليين. حتى بالنسبة للأحداث الإرهابية العالمية فإنها تميل إلى أن تكون قضايا داخلية، يتم تنفيذها على أيدي ناشطين محليين يستهدفون أجانب صادف أن كانوا في بلدهم (فكروا فقط بالخطة التي تم إفشالها لمهاجمة أهداف أميركية في ألمانيا). وهذا يشير إلى أن احتمال وقوع الهجوم على أيدي إرهابيين محليين أكبر بكثير من التهديد بوقوع هجوم آخر مماثل لما حدث في 11 سبتمبر 2001 على أيدي أجانب.

5 ـ الإرهاب لا ينجح قط.

إذا لم يعط الإرهاب نتائج إيجابية فإن ذلك لا يعني أنه سيكون أكثر ندرة الآن. أحيانا ينجز الإرهابيون أهدافهم ولهذا السبب يستمر آخرون في محاولة استخدام التكتيك نفسه.

بالتأكيد ليس من السهل تحديد ما هي أهداف الإرهابيين، لكن أحيانا تكون مراميهم واضحة. فكروا بما ترتبت عليه تفجيرات القطارات في مدريد في مارس 2005 قبل ثلاثة أيام من الانتخابات النيابة. كان هدف المتطرفين الإسلاميين من ذلك هو التمكن من تغيير الحكومة الإسبانية. وأعطت العمليات الإرهابية نتيجة إيجابية لتحقيق هذا الهدف. ففي دراسة أجراها خوسيه غارسيا ماتالفو، الاقتصادي في جامعة بومبيو فابرا ببرشلونة، أجرى مقارنة بين عدد المتغيبين عن الانتخابات قبل التفجيرات، مع عدد المصوتين بعد التفجيرات في كل ولاية. ويظهر عمله بشكل مقنع أن صدمة التفجيرات أدت إلى تمكن الحزب الاشتراكي من هزم حكومة الحزب المحافظ. وحالما تسلم الحزب الاشتراكي الحكم سحبوا القوات الإسبانية من العراق.

* ألن كروغر أستاذ الاقتصاد والسياسة العامة في جامعة برنستون ومؤلف كتاب: ما الذي يجعل الشخص إرهابيا؟

خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»