من ينقذ سفينة باكستان من الغرق؟

TT

يبدو ان الوجود القوي للجنرال ايوب خان لا يزال منتشرا في باكستان. دون الاهتمام لإرث خان من الصعب تحليل السياسات الباكستانية.

عيّن رئيس الحكومة السابق نواز شريف ابن ايوب، جوهر ايوب خان، وزيرا للخارجية. كما ان الجنرال مشرف عيّن ابن جوهر ايوب وزيرا للمالية.

ما هو السبب الرئيسي وراء هذا التنسيق مع اسرة ايوب خان؟

كان ايوب خان اول جنرال ينفذ انقلابا في باكستان، وبات الجيش بعد ذلك يشكل مؤسسة رئيسية في البلاد. لم يكن ايوب خان يعتقد في الديمقراطية وإنما ركز فقط على التقدم الصناعي والزراعي. وقال انه بدون وجود حركة صناعية في البلاد فإن الباكستانيين سيأكلون بعضهم. وفي نهاية الأمر واجه ايوب خان مظاهرات واسعة النطاق ضده على الرغم من انه وافق على التخلي عن السلطة.

يبدو ان الجنرال مشرف يريد ان يصبح ايوب خان آخر مع بعض الديمقراطية.

يعني ذلك ان لدينا ثلاثة انواع من الديمقراطية في باكستان. من الواضح ان الطريق الى الديمقراطية طويل ومليء بالعقبات وتبدو الديمقراطية أحيانا اشبه بحلم او دراما في دول مثل باكستان. هناك ثلاث وجهات نظر في هذا السياق:

1ـ نظرية مشرف: يريد مشرف الاحتفاظ بالسلطة، وهذا هو هدفه الرئيسي. واجه كل الحكام الذين قادوا الدكتاتوريات في باكستان مشاكل عسيرة وكوارث بعد مرور عقد من الزمن. هذه هي طبيعة النهج العسكري. فالاستقرار القائم على اساس النهج العسكري هش للغاية. إذ استولى اقل من 300 جندي على وزيرستان وقتلوا 15 حارسا.

كيف يمكن لمشرف حل مثل هذه المشاكل؟

2 ـ نواز شريف يعتقد ان مشرف في وضع حرج، وقال شريف في هذا السياق: «انه مثل السفينة الغارقة. بي نظير تريد ان تسافر بهذه السفينة الغارقة!» اعترف شريف بأنه يريد عزل مشرف من السلطة، وأصر على ان مشرف اصبح ضعيفا للغاية هذه الأيام. يعتقد شريف ان بوسعه تنظيم مظاهرة ضد مشرف، واعتمادا على هذا الخيال توجه الى باكستان يوم 10 سبتمبر، إلا ان السلطات الباكستانية أبعدته الى جدة مرة اخرى. أمام شريف الآن متسع من الوقت كي يفكر في خطته كي يعرف الخطأ الذي حدث وأفشل جهوده، والسبب وراء اختفاء حزبه ومؤيديه عقب مظاهرة محدودة. حملة شريف ماتت قبل ان تولد، كما ان حزبه يعاني من صدمة ولا يزال يحاول مواكبة الهوة الواسعة بين الشعارات والأحاديث والواقع على الارض. ارسل مؤيدو شريف التماسا الى المحكمة العليا. من الواضح ان الكل يدرك، بمن في ذلك شريف نفسه، ان القانون في باكستان لا يتمثل في مبادئ الدستور وإنما في الحكم العسكري.

طبقا للدستور الباكستاني، في القسم المتعلق بالحقوق الأساسية ومبدأ السياسات، في المادة 15 يتعارض إبعاد نواز شريف مع نص واضح في الدستور: «كل مواطن يتمتع بحق البقاء في باكستان والتحرك فيها بحرية والإقامة والاستقرار في أي جزء منها، ويتوقف ذلك على أي قيود معقولة يفرضها القانون وتقتضيها المصلحة العامة».

ترى، من هو افضل مفسر للدستور الباكستاني؟ وزير الداخلية، أفتاب خان شيربو، قال ان إبعاد نواز شريف يصب في المصلحة العليا للبلاد ويتماشى مع القانون، مؤكدا ان الحكومة على استعداد للدفاع عن موقفها أمام المحكمة العليا، كما اكد ايضا ان إبعاد شريف يتماشى من القانون وأخلاقيات تطبيقه.

3 ـ وجهة نظر بي نظير بوتو تختلف تماما عن وجهة نظر نواز شريف. بي نظير بوتو أعدت خطتها مع الاميركيين. منعت بوتو استخدام الشعارات النارية وكان مطلبها الرئيسي هو ان مشرف اذا أراد ان يكون رئيسا يجب ان يكون رئيسا فقط، أي ان يتخلى عن قيادة الجيش. يمكن القول ان بي نظر بوتو اختارت طريقة عملية كي تصبح رئيس الحكومة المقبلة في باكستان.

اعتمادا على الواقع على الارض وصل مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر اسلام أباد ونظم الاجتماع الاستراتيجي بين نائب وزيرة الخارجية، جون نغروبونتي، ومشرف ورئيس حكومته. من الواضح انه تشاور مع الاميركيين، ونتيجة لذلك جاء تصريح لنغروبونتي مؤيدا لموقف ادارة مشرف في مكافحة الارهاب والانتقال الى الديمقراطية وإبعاد شريف.

ويبقى القول ان باكستان تواجه وضعا معقدا في هذا الوقت الحساس، الذي يفترض ان يقف فيه كل الباكستانيين مع بعضهم بعضها لحل المشاكل. اعتقد ان طريقة شريف كانت خاطئة. باكستان هشة للغاية، مثل جندي جريح، في حاجة الى جراحة وعلاج وليس الى مظاهرة.