الحكَّام والكتَّاب

TT

أحاط جون كينيدي نفسه بعدد من الكتَّاب والمؤرخين. واستبقى الى جانبه والتر ليبمان الذي كان من قبل الى جانب روزفلت وآيزنهاور، مستشارا مقربا غير مسمى رسميا. وعندما تسلم ديغول الحكم للمرة الأولى بعد الحرب جاء اليه الكاتب فرنسوا مورياك ومعه ابنه كلود. وقال له مورياك ان بعض الكتَّاب تعاون مع المحتل ولكن في ظروف غير طبيعية ولذا يرجوه ان يعفو عنهم. وقال ديغول انه كرئيس لن يعفو عن متعاون، ولكنه سيطلب من القضاء النظر في قضاياهم. ولمح على وجه الكاتب الكبير مسحة من الخيبة، فقال له: «مورياك. لن تخرج خائبا من هنا. أريد ان يكون ابنك سكرتيري الشخصي».

وعندما جاء الى الإليزيه العام 1958 طلب الى أندريه مالرو ان يكون وزير الثقافة. وقيل له ان مالرو كاتب يساري، فأجاب: «أنا أريده من اجل ثقافته الواسعة لا من اجل مواقفه الضيقة». وجعل وزير الثقافة لا رئيس الوزراء الرجل الأول في مجلس الوزراء. وكان يجلس الى يمينه ويقول: «بعض الرجال أنا مدين لهم والبعض الآخر فرنسا مدينة لهم». واقترح مالرو في بدايات الجمهورية الخامسة إعفاء أصحاب المباني في باريس من الضرائب إذا قاموا بجلي واجهات مبانيهم، فتحولت المدينة من اللون الفحمي الى اللون البراق، فقال ديغول: «كيف يمكن لفرنسا أن تنسى هذا الجمالي». وكان يقول «كل نظام سياسي في حاجة الى فيكتور هوغو يلهب الحماس في الجماهير الغارقة في مشاغلها اليومية من دون أي أفق.. ومالرو قد ألهب تلك الشعلة».

حاول الرئيس اللبناني الجنرال فؤاد شهاب اقتفاء اثر الجنرال الفرنسي فأعطى وزارة الإعلام الى الصحافي جورج نقاش، وحاول أن يتعلم منه، لكن الطابع الأمني طغى على عهده، بعدما حاول الحزب السوري القومي الانقلاب عليه. وبدل أن يدخل التاريخ برجال مثل جورج نقاش وتقي الدين الصلح بقيت له صبغة «المكتب الثاني».

ومنذ الملك فاروق كان في القصر في مصر صحافي الى جانب الحاكم. وفي عهد فاروق كان هذا الصحافي كريم ثابت، الذي شملته الحملة على الملك بعد 23 يوليو، وترك خلفه كتابين عن تلك المرحلة. وعندما جاء جمال عبد الناصر أصبح محمد حسنين هيكل الرجل الثاني غير المسمى. واستمر التقليد مع أنور السادات الذي قرب منه موسى صبري وأنيس منصور. وبقيت «الأهرام» المعبرة عن سياسة الرئاسة مع حسني مبارك، مع إبراهيم نافع والآن مع أسامة سرايا في صبغتها الجديدة. وعندما قمت بزيارة «الأهرام» العام الماضي وجدت على مدخلها منحوتات لرؤوس جميع الذين توالوا على إدارتها منذ قرن ونصف القرن. وكانوا جميعا على علاقة مع القصر.