هل يقف الخليجيون على الحياد في الحرب؟ (1-2)

TT

طالبت ايران دول الجوار بان تساندها ضد الحملة التي تشن ضدها وتهددها بعقوبات اقتصادية جديدة. السؤال يطرح على دول الخليج، لأنها هي دول الجوار على اعتبار ان بقية الدول العربية ستتفرج على التلفزيون عند بلوغ النزاع مرحلة الحرب. من ستساند الدول الخليجية؟

عندما أصرت الحكومة الاميركية في عام 2003 على شن حربها على العراق لم تجد في منطقة الخليج إلا قطر والكويت على استعداد للسماح لها باستخدام اراضيهما. لم تكن المهمة العسكرية صعبة حيث سقط نظام صدام برمته في ثلاثة اسابيع. فهل يمكن ان تمتنع الدول الخليجية مرة أخرى عن المشاركة في الحرب؟

طبعا نستثني الكويت لأنها مرتبطة باتفاقات دفاع مشتركة مع واشنطن تلزمها بالمشاركة، وكذلك قطر لأن على ارضها اكبر قاعدة عسكرية اميركية في المنطقة. هل تستطيع السعودية، وهي الأكبر والأهم في المعادلة بأجوائها الفسيحة وموانئها الضخمة، وبنيتها التحتية المهيأة لاستيعاب مليون انسان في أي مهمة على عجل؟

الحقيقة المجهولة ان السعودية عادة تقول لا، بسبب خطورة التورط في الحروب، كما فعلت قبل اربع سنوات في العراق، وهناك استثناءات، الحقيقة استثناء واحد، عندما غزا صدام الكويت. السعودية وافقت فورا على المشاركة في الحرب، وتحملت المخاطرة بالتحالف العسكري، واستضافة القوات الاجنبية، بما فيها ربع مليون عسكري اميركي. كانت النتيجة سريعة وحاسمة، عاد الكويتيون والكويت، ودحرت قوات صدام والغزو. انما اغلقت الاجواء السعودية في وجه القوات الاميركية في طريقها للقتال في افغانستان، وتكرر الاغلاق في غزو العراق. الآن نحن نواجه سؤالا أكبر في خطورته، ماذا لو قامت الحرب بين الولايات المتحدة وإيران؟

على الفور استطيع الاستنتاج بان السعودية سترفض التورط في الحرب، سواء بالمشاركة المباشرة او عبر تقديم التسهيلات او حتى فتح الاجواء، لأن ايران دولة اكبر من العراق مرتين، ولا يوجد قرار دولي يعطي الشرعية للحرب، بخلاف مواجهة غزو العراق للكويت. نعم تدمير قوة ايران الضخمة يخدم الحاجة الخليجية، فمشروع السلاح النووي عمليا يهدد عرب الخليج قبل اسرائيل، لكن ثمن الحرب غال جدا.

ما هو المنطق والممكن في التعامل مع الأزمة؟ الغاء التهديد النووي الايراني المحتمل حاجة للجميع في المنطقة، خاصة ان النظام الايراني لم يكف عن مساعيه في قلب الانظمة باسم تصدير الثورة الى الدول العربية، وزاد من تورطه في نزاعات المنطقة، وهو الآن يتمدد مثل البكتيريا في العراق، حيث استولى تقريبا على كل الجنوب. والمنطق يقول ايضا انه لا يجوز الاستهانة بإيران، فهي بحجم العراق سكانيا ثلاث مرات، وتملك نظاما سياسيا وعسكريا قويا، قادرا على البقاء مهما كان حجم الهجوم عليه. وعند الرد على الهجوم الاميركي فالأرجح ان ايران لن تلحق اذى كثيرا بالاميركيين لقدرتهم الدفاعية، ولأن معظم قوتهم الضاربة تطير من مناطق على بعد آلاف الاميال، بعيدة عن مدافع طهران. ولا يتبقى امام القوات الايرانية سوى ضرب الدول الخليجية، كونها المنطقة الرخوة والأهم نفطيا في العالم. شواطئ الخليج تقع على بعد مسافة قريبة من سواحل ايران، بعضها لا تزيد على ستين كيلومترا. قصف الخليج سيدخل العالم في ازمة نفطية، ويضعف اصدقاء امريكا، ويخسر الخليجيين مليارات الدولارات انفقوها على تطوير صناعاتهم، ومنشآتهم النفطية التي هي عصب حياتهم.

[email protected]