بن لادن.. نجومية آفلة

TT

لم يحقق ظهور زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن بالصوت والصورة مؤخراً، الوقع الذي أراده الرجل بعد غياب ثلاث سنوات كثرت فيها التأويلات عن حقيقة مصيره.

فبن لادن ثبّتَ في مخيلة كثيرين من تابعيه صورة المتمرد أو الثائر ممتطياً جواداً ومتمنطقاً سلاحاً أو يتدرب على الرماية والقتال والتفجير أو متعباً جراء الهرب من وإلى جبال أفغانستان في حين لا يرى فيه رافضو دمويته وعنفه سوى صورة من أمسك الشيطان بتلابيبه على نحو أفقده إنسانيته..

في الحالتين كان لحضور الرجل وقعه وسطوته وكان العالم بأجمعه يترقبه..

تحول الرجل قبل اختفائه إلى صورة، والصورة حين تغيب تخسر دورها وجودتها.

حاول الرجل استغلال مناسبة مرور الذكرى السادسة لهجمات سبتمبر (أيلول) لإعادة إحياء أسطورة ما اقترنت بصوره التي سبقت وأعقبت ذلك التاريخ قبل أن ينعدم ظهوره الإعلامي والدعائي إلى حدّ كثرت فيه التأويلات والتساؤلات حول ما إذا كان قتل أو نال منه مرض عضال.

خطاب بن لادن الذي بث على شبكة الإنترنت لم يحجب حضور مساعده أيمن الظواهري، حتى حين ذكر موقع يستخدمه إسلاميون الخميس الماضي أنه سيبث شريطاً جديداً لبن لادن يعلن فيه الحرب على الرئيس الباكستاني برويز مشرف، تركز الاهتمام الإعلامي فعلياً على خطاب آخر ظهر في الوقت نفسه هو لمساعد بن لادن أيمن الظواهري يدعو فيه إلى ما وصفه بتطهير المغرب العربي من أبناء فرنسا وإسبانيا ويدعو المسلمين في السودان إلى مقاتلة قوة حفظ السلام في دارفور.

بدا بن لادن صورة في حين بدا الظواهري مالكاً لموقف..

وكأن زعيم تنظيم «القاعدة» قد تحول إلى «موديل» أو صورة إذ من الواضح أن القرار الفعلي هو للظواهري.

لقد أدى غياب بن لادن لثلاث سنوات إلى أن تبهت صورته على نحو كبير، ولم تكن عودته بلحيته المصبوغة المشذبة وعباءته سوى لتدلل على أن الرجل مستمر في غيابه ولو ظهرت صورته.

هذا الأمر وإن كان رمزياً لكنه يوحي كم تراجع حضور الرجل رغم أن إمكانات تنظيمه الإعلامية والدعائية لا تزال فاعلة. فحتى لحيته المصبوغة والتي ربما أراد منها تجديد حضوره، جعلته يطلّ على العالم بمظهر أقل مهابة وأقل عنفاً إلى حدّ الركاكة فكأن عودته لم تردم غيابه بل كرسته، في حين أن الظواهري وإن كان يخطب من أمام مكتبه أو في استوديو في مكان ما فلا تزال خطبه مجال تحليل وربط من قبل المتخصصين والمتابعين للتنظيم.

بالتأكيد ليس مردّ هذا الكلام إعجاباً بأي من الرجلين اللذين تحمل خطبهما وصورتاهما إنذاراً دامياً بكارثة ما إما قد حلّت وإما في طريقها إلى ذلك..

إنها محاولة بسيطة لفهم تلك العقول التي تنهمك في التخطيط للقتل والدمار وفي الوقت نفسه تنشغل بصورتها على نحو يفتقر للخيال إلى حدّ السذاجة.

diana@ asharqalawsat.com