ثنائي القرن الماضي «سوف يصبح ديكتاتوراً»

TT

عودة الى كتاب «نيكسون وكيسنجر، شريكان في السلطة» (1). سوف نرى كيف ان سياسة الدولة التي تتنافس على النفوذ في الكرة الارضية وفي فضائها، مع الاتحاد السوفياتي، كان يتقاسمها رجلان يعانيان من حالة نفسية صعبة. الاول، ريتشارد نيكسون الذي اصبح رئيسا على احدى اكبر دول العالم، ولد في قرية تدعى يوربا ليندا عدد سكانها 200 شخص. وعندما انتقل الى بلدة اكبر، ويشيير، كاليفورنيا، كان عدد سكانها خمسة آلاف. وكان والده، فرانك، قاسياً وفظاً. بدأ حياته مزارعا ثم سائق حافلة كهربائية ثم صاحب محطة بنزين فصاحب بقالة صغيرة. لم ينس ريتشارد نيكسون، الذي سوف يصبح محاميا فنائبا فعضوا في مجلس الشيوخ فنائبا للرئيس فرئيسا، حياة الشظف. وكان يعاني دائما من الميلنخوليا، «مثل ابراهام لنكولن».

هنري كيسنجر، الالماني الذي هاجر الى اميركا هربا من اضطهاد اليهود «لم يكن يصدق ان احدا يمكن ان يحبه». رجلان يحركهما طموح هائل لتجاوز النشأة المعقدة، اراد كل منهما ان يحتل مكانه في المجتمع وفي التاريخ. وفيما بدا للعالم الخارجي انهما فريق واحد في الادارة الاميركية، كانا في الحقيقة يعيشان صراعا يوميا بينما الوضع العالمي في فيتنام وكمبوديا والشرق الاوسط، يتوقف على قراراتهما.

بدأ كيسنجر عمله مع نيكسون مستشارا للأمن القومي. وبعد قليل ادرك ان الرئيس متضايق من سياسات وزير خارجيته وليم روجرز، الذي كان يريد ليونة اكثر في فيتنام والشرق الاوسط. وهكذا بدأ يعمل على توسيع الخلاف بين الرجلين، بحيث يضيف الخارجية الى حقيبته. وتم له ما اراد. لكن نيكسون وجميع من حوله لم يكونوا يثقون به. وكان نيكسون يتحدث دائما الى مساعده هالدمان (احد ابطال ووترغيت) عن «المشكلة الكيسنجرية» ويقول «انه رجل يصعب التعامل معه». وذات مرة قلد لكنة كيسنجر الالمانية وقال لهالدمان: «انه يأتي دائما محملا بالتنبؤات والافكار المتعالية. ويرفض أي نقاش، معتبرا أي اعتراض اهانة شخصية له».

كان نيكسون يشكو لهالدمان من «ان مشكلة كيسنجر النفسية يصعب التعامل معها. انه مهووس في الاطاحة بروجرز». وكان الرئيس يعتقد ان من الافضل له التخلي عن روجرز «لكن ماذا نفعل بكيسنجر بعد ذلك. سوف يصبح ديكتاتورا حقيقيا». وكان اكثر ما يضايقه توقف مستشار الامن القومي امام التفاصيل «انها طبيعة يهودية وطائشة. انه طبع يهودي كالجحيم، أليس كذلك؟». أكثر ما أثار كيسنجر على روجرز ان وزير الخارجية استبعده عن كل ما يدور حول الشرق الاوسط. وعلق هالدمان على ذلك «ألا يفهم اننا اذا اشركناه وحدث خطأ ما فسوف يقال ان السبب هو يهودي ملعون وليس الاميركيين». ورد نيكسون بأن لدى كيسنجر «هاجسا بأن يكون في كل شيء». وانه «يريد ان يكون حاضرا كلما اجتمعت بأحد على شيء من الاهمية». غير ان كيسنجر كان، بوضوح، اكثر اهمية للرئيس، اذا ما اضطر الى الاختيار. وفي هذه المرحلة كان قد بدأ ايضا يعد لرحلة المصالحة الى الصين. ومن هذا الكتاب نعرف ان كل شيء عن الرحلة بدأ في رومانيا وعن طريق تشاوشسكو. الى اللقاء.

(1) تأليف روبرت دالك، الناشر اكن لين.