المسرح مدرسة بلا مدرس

TT

لا يعجبني منظر المدرس ومعه عدد من الطلبة الصغار يدخلون احد المسارح .. إن وجود المدرس يجعل هذه المسرحية نوعا من الواجب .. نوعا من الدرس .. يجعل المتعة إجبارية ويجعل الهدوء في أثناء التمثيل أمرا يقتضيه وجود المدرس.. ويجعل التصفيق قاعدة من قواعد السلوك .. ويتحول المسرح والمسرحية إلى «حصة» من الحصص، وهذا يفسد المتعة التي نريدها لكل من يتفرج على المسرح، وقد جربنا جميعا ونحن صغار الذهاب إلى حديقة الحيوان مع مدرسينا.. وجربنا أن نلعب بحساب أيضا.. وكل هذا يحد من لذتنا ومن متعتنا ..

صحيح إن الطالب الصغير في حاجة إلى من يرشده والى من يقول له: هكذا يجب إن تجلس، وأن تستمع وأن تخفض صوتك، وإلا تتكلم بصوت مرتفع .. الخ.

ولكن من المؤكد إننا نريد من الطالب الصغير أن يدخل هذه التجربة وحده.. أن يذهب إلى المسرح .. أن يعرف كيف يكون حجز التذاكر، وكيف تكون الطوابير وكيف يجلس في مكانه.. ونريد أن يتعلم من الكبار أدب الصمت وأدب التصفيق.. وأن يجعل من الكبار نموذجا طيبا له.. وأن يفعل ذلك كله بلا خوف من أحد وبلا ضغط من أحد، وأن تحقق له اللذة الفنية والمتعة العقلية بحرية كاملة.

أنا أفضل جمهور المسرح على جمهور السينما، لان جمهور المسرح هو جمهور «الكلمة» وليس جمهور «الكاميرا» وجمهور المسرح هو الجمهور القادر على أن يشترك في التمثيل وذلك عن طريق «الاندماج» في «الجو» المسرحي وفي الحوادث .. وذلك بأن يتحول غالي إلى «طرف» في قضية.. وإلى حكم في مباراة من نوع غريب، هذه المباراة هو فيها الكرة واللاعب والحكم والشبكة..

إنني أتمنى إن أرى مع بداية الموسم المسرحي تلامذة صغارا يتفرجون وحدهم، ويتعلمون بلذة ومتعة..

إن المسرح مكان للراحة والدراسة والعلاج والمناقشة اللذيذة بلا عصا في يد مدرس .. وبلا تكشيرة على وجهه!