السوريون في وليمة السلام

TT

من المنطق إبعاد السوريين عن مائدة المفاوضات في الشأنين العراقي واللبناني، لأنهم يلعبون دورا تخريبيا واضح البصمات، لكن يفترض السماح لهم بالجلوس والأكل على مائدة محادثات السلام المقبلة. سيرد آخرون مستنكرين، كيف يمكن ان نحرمهم من وليمة العراقيين واللبنانيين ثم نمنحهم أعظم جائزة سياسية، محادثات تعيد ارضهم المحتلة وتؤمن حماية في اتفاق سلام مضمون دوليا؟

السبب الاول ان حق سورية في الجولان لا خلاف عليه، أما في لبنان والعراق فلا حق لها فيهما. الثاني ما قاله هنري كيسنجر قبل ثلاثين سنة، وزير خارجية الولايات المتحدة السابق، انه «لا حرب بلا مصر، ولا سلام بلا سورية». ولا بد للاطراف التي تصمم مشروع السلام الجديد ان تقر بحكمة كيسنجر، وهو صادق، لأن امامنا سجلا طويلا من مشاريع السلام الفاشلة التي خربتها دمشق في الماضي. تاريخيا. افسدت دمشق كل مشروع سلام منذ زمن الرئيس الراحل انور السادات، وحتى آخر أيام الراحل عرفات، وأهمها مشروع باراك في عام الفين.

وهنا يوجد تفسيران، الأول ان سورية تخرب السلام لأنها تفضل الاحتفاظ بلبنان الغني على استعادة الجولان الفقير، ودليلهم انها لم تنفذ عملية واحدة ضد اسرائيل عبر الهضبة، رغم براعتها في تنفيذ العمليات العسكرية في العراق ولبنان وفلسطين. والثاني يقول انها تريد سلاما يعيد كل الجولان لا بعضه.

المؤتمر الدولي سيكشف الحقيقة. فان كانت سورية صادقة تريد الجولان فقط ، فلا بد أن تأخذه كاملا، فهو حقها، شرط التزامها بكامل السلام. وان أثبتت الايام انها ادمنت لعبة التخريب، هنا تكون دمشق قد استهلكت كل فرصها في المنطقة، في وقت اقتنع الجميع فيه بان الدور السوري صار عبئا لا يحتمل. وقد يتساءل البعض الم تتوصل الاطراف إياها الى أن سورية عبء خطر لم يعد يحتمل منذ زمن؟ اليوم يوجد اتفاق على خطر الدور السوري، ليس فقط على لبنان والعراق بل كل المنطقة. اما في الماضي فقد عاشت دمشق على علاقات متوازنة الاركان تحميها، اما اليوم فقد قطعت كل الحبال بسبب مواقف وممارسات خرقاء. ولا يمكن ان تعود الأمور كما كانت في الماضي الا في حالة واحدة هي توقيع اتفاق سلام شامل يرى الجميع له مصلحة حقيقية فيه، بما في ذلك سورية.

الاميركيون أخطأوا في البداية عندما ابعدوا السوريين عن مائدة التفاوض عقابا لهم على أفعالهم في العراق. الآن خففوا من رفضهم لأن دمشق أوقفت معظم الهجمات السنية في العراق.

أما الأطراف العربية، حتى التي تختلف مع سورية، فهي تؤيد اشراكها، لكنها تريدها ان تجلس على مائدة في غرفة مستقلة، حتى لا تفسد الحفلة الكبرى، أي الفلسطينية. فان توصل الجميع، وعلى رأسهم السوريون، الى اتفاق جماعي فان ذلك عمليا سينظف الطريق الى سلام شامل، لأنهم اقدر على وضع الاحجار والقنابل في الطريق، كما فعلوا في كل المناسبات المشابهة الماضية. وان افسدوا الاتفاق تصبح سورية قد استهلكت كل اوراقها، وسيضاف ذلك الى سجل تحالفها مع ايران في لعبة بالغة الخطورة.

[email protected]