الجنرال و«فاترينة» الرئاسة

TT

ليس أدل على خطورة الوضع في لبنان من اضطرار نواب الأكثرية إلى أن يظلوا رهن الإقامة القسرية في فندق فينيسيا في وسط بيروت خشية الاغتيال، وخشية أن يصبحوا بالتصفية الجسدية أقلية، لتغدو المسافة بين «فينيسيا» ومقر مجلس النواب وعرة إلى الدرجة التي تتطلب أقصى حالات الاستنفار الأمني.

وحده نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني يحاول أن يبدو متفائلا، وهو يشير إلى أن لبنان سيكون له رئيس توافقي قبل 24 نوفمبر، التاريخ الذي يمثل انتهاء المهلة الدستورية، وبري زعامة بارزة تمسك بالكثير من الخيوط، وعلى اطلاع دقيق بالكثير من التفاصيل، فهو رغم موقعه في المعارضة إلا أن جسور تواصله مع أقطاب الأكثرية لم تغلق، لكن الرياح لا تجري دائما بما تشتهي سفن الرئيس نبيه بري، وهذا التفاؤل الذي يسكن كلماته قد لا يجد البعض مبررا له على أرض الواقع، فمواصفات «الرئيس التوافقي» لا تزال متباينة بين المعارضة والأكثرية في ظل زعماء طامحين من الفريقين، ولست أدري كيف ستتمكن المعارضة من المناورة في مسألة الرئيس التوافقي، وكيف ستتجاوز طموحات أحد أقطابها، الجنرال ميشال عون من دون أن ينفرط عقدها، ومن دون أن تخلط أوراق تحالفاتها، فلا أحد في لبنان يمكن أن يقنع الجنرال بأن يتخلى عن حلمه الرئاسي، ولا أحد في الكون يمكن أن يقنع فريق 14 آذار بأن في الجنرال عون مواصفات الرئيس التوافقي، ومن هنا فإن تفاؤل الرئيس بري كان يحتاج إلى شيء من الضوء كي ينتقل أثره إلى الآخرين.

وما غدا في حكم المؤكد أن الأكثرية ماضية في طريقها للوصول إلى غاياتها، وأن التصفيات الجسدية التي تعرض لها بعض نوابها أكسبت هذا الفريق قدرا كبيرا من التعاطف العربي والعالمي، وأدت إلى نشوء مطالبات بضرورة توفير الحماية لهؤلاء النواب، فليس ثمة سابقة على مستوى العالم بأكمله تم فيها تغيير الاكثرية البرلمانية بالتصفيات الجسدية.

وبالأمس تم تأجيل جلسة التصويت لانتخاب رئيس جديد إلى 23 من الشهر القادم، أو بعبارة أخرى تم تأجيل المواجهة إلى يوم آخر، وحتى ذلك التاريخ ستبرز الكثير من الأسماء في «فاترينة» الرئاسة، لكن لا أحد على وجه الدقة يمكن أن يجيب على السؤال: من سيرأس لبنان؟

[email protected]