اجعلوها أصغر!

TT

لا داعي لأن أذكر الأطعمة التي وضعت أمامنا.. فكلها معروفة.. ولكن كان عددنا خمسة.. والطعام الذي امامنا يكفي لعشرين. والأسباب معروفة.. وبلهفة امتدت أيدينا وشربنا وأكلنا وشربنا أكثر وبسرعة شبعنا..

وواضح من تراجع كل منا في مقعده أن كرشه يحول بينه وبين ترابيزة السفرة.. ولذلك اعتدلنا جميعاً في مقاعدنا مع الميل قليلاً إلى الوراء. وحل علينا جميعاً شيء من الهدوء والبلادة، كأننا لم نذق طعاماً، أو كأننا حرمنا من الطعام.. ولا بد أنه دار في رؤوسنا هذا السؤال.. ما هذا العبط؟ لماذا لا نأكل على مهل، لماذا نلهث من الجري بالأيدي والعيون بين الأطباق والأكواب.. كأننا تصورنا أن هذه الأطعمة أشياء ممنوعة فأخفيناها في بطوننا؟!

ولابد أن الحالة النفسية والمعنوية لم تمكنا من مناقشة هذه الأسئلة والإجابة عليها..

فهناك أعمال اخرى أمامنا لا بد ان نفرغ منها وبسرعة أيضاً.. لا بد أن ننتقل الى كراسي أخرى بسرعة، وأن نعطي للمعدة الوضع المناسب لكي تتمدد وتهضم ـ إذا استطاعت ـ على راحتها.. واحسن الأوضاع هو النوم على الجنب. وهذا يفسر لنا صور «ألف ليلة وليلة» التي تجد فيها الملك جالساً على جانبه.. نائماً تقريباً لأن هذا هو الوضع المناسب لراحة المعدة والمصران الغليظ، بعد أكلة ضخمة دسمة كالإفطار في رمضان، وبعد اتخاذ الوضع المناسب يجيء الحلو.. وبعد الحلو يجيء الشاي.. ضروري الشاي.. ولكن أين يذهب هذا كله؟! أين يستقر في الجسم؟!

لقد أصبحت أؤمن بما كان يقال لنا في الريف من أن الماء ينزل في الساقين والقدمين.. ولابد أن السوائل تفعل ذلك لأن المعدة لا يمكن أن تتسع لهذا كله؟!

ولو نظرنا إلى المائدة قبل أن ننهض لوجدنا معظم الطعام على كل مائدة.. فالشخص يحب ان يأكل في وجود أطباق كثيرة وألوان كثيرة وزحمة وكلها مشهية.. أو تفتح الشهية وهذا طبيعي..

ولذلك أتقدم باقتراح من عندي.. وهو أن نجعل الاطباق أصغر وأن نطهو نصف الكمية ونضعها في أطباق كثيرة.. تماماً كما يفعل اهل سوريا ولبنان عندما يقدمون العشاء والإفطار.. عشرات الأطباق الصغيرة في كل واحد منها ملعقة زبدة وملعقة لبن وحبتان من الزيتون..

أو كما يفعل أهل اليابان، يقدمون عشرات الأطباق التي يمكن تفريغها في سلطانية طرشي واحدة.

وبذلك يتحقق لنا الجو.. والاقتصاد أيضاً!