بدائل السجون

TT

إقرار المجلس الأعلى للسجون في السعودية اعتبار توظيف السجين المفرج عنه في منشآت القطاع الخاص بشخصين في مجال احتساب نسبة توطين الوظائف «السعودة»، أمرا في غاية الأهمية لإنهاء ملاحقة القوائم السوداء لأناس ارتكبوا أخطاء، ودفعوا أثمانها سجنا وعزلا عن المجتمع، وبالتالي فإن على القطاع الخاص أن يتحمل مسؤوليته تجاه هذه الشريحة من الناس لدعم توبتهم، وتعزيز استقامتهم، فمن منا بلا خطيئة.. وكنت أتمنى أن يتضمن قرار المجلس الأعلى للسجون توصية للخدمة المدنية بجواز إلحاق هؤلاء المفرج عنهم بالوظائف الحكومية أيضا لكيلا يشعر القطاع الخاص بأنه وحده المعني بمثل هذا الإسهام الاجتماعي والإصلاحي.

على الجانب الآخر، كثر الحديث هذه الأيام عن بدائل السجون، فالسجن كالكي آخر الدواء، وليس ثمة وسيلة لتحسين أوضاع السجون بعيداً عن الازدحام والتكدس إلا بتوسيع هذه البدائل، وتشجيع القضاة على الأخذ بها أسوة بما يفعله ذلك القاضي الرائد ـ على مستوى السعودية ـ في مجال الأخذ بمبدأ الخدمة الاجتماعية والعلاج كبدائل عن السجن، الشيخ محمد آل عبد الكريم، القاضي بمحكمة «المويه» في السعودية، والذي تجاوز نمطية العقوبات التقليدية، التي تتمثل عادة في السجن والجلد في بعض أحكامه، فأصدر حكما على اثنين من الأحداث، أحدهما مرتكب لعدد من السرقات، بينما الآخر مشتبه في تناوله المسكرات، فحكم على الأول بتنظيف 26 مسجدا بمعدل ساعة لكل مسجد، إضافة إلى خدمة مكتب الأوقاف لمدة 100 ساعة، فالسجن مهما تعددت مسمياته لا يشكل الخيار الأمثل لتأديب الأحداث، فيما حكم على الحدث الآخر الذي اشتبه في تناوله المسكر بتنظيف 26 مسجدا بمعدل ساعة يوميا خلال شهر، منقذا بذلك الصغيرين من المصير المجهول الذي كان ينتظرهما لو طبقت عليهما أحكام بالسجن. كما حكم نفس القاضي بإدخال أحد متعاطي الحشيش للعلاج مدة ثمانية أشهر في مستشفى الأمل لعلاج الإدمان، وعدم إخراجه إلا بإذن الحاكم الشرعي. وتضمن الحكم إعداد تقارير عن المحكوم وسلوكاته خلال فترة العلاج، ومدى تجاوبه.

هذا القاضي يستحق التكريم من المجلس الأعلى للسجون، ومن وزارة العدل لتعزيز هذا التوجه لدى القضاة ودعمه، فالبحث عن بدائل السجون هدف عالمي ينبغي أن نكون من رواده، ولنا السبق في موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما طلب من عدد من أسرى بدر أن يفتدوا أنفسهم بتعليم بعض صبيان المسلمين القراءة والكتابة.. فهل نفعل؟

[email protected]