الدراما السورية والكوميديا اللبنانية

TT

مع ازدياد سخونة الجبهة السورية مع إسرائيل، وتوالي الأحداث الغامضة والتي بقيت في حيز الكتمان حتى الآن، اللهم إلا من بعض اجتهادات لافتة لمحققين صحفـيين فـي أكثر من مطبوعة غربية، يأتي هذا الحراك العسكري والاستخباراتي، وهو الأول من نوعه منذ فترة طويلة جدا من الزمن، وسط الحديث المستمر عن مؤتمر السلام القادم في شهر نوفمبر القادم الذي سترعاه الولايات المتحدة الأمريكية.

ووسط هذه الأحداث تأتي الكوميديا اللبنانية الحزينة، المتمثلة في مشهد بائس لتداعي الديمقراطية العربية الوحيدة، والتي تهوي تحت قبضات العصابات والقوى المخابــراتـية وتهــديـدات ورصاص مدعي المحبة. لم يكن مشهد رئيس مجلس النواب، وهو «يختصر» الجلسة ويؤجلها بدون الدخول في أي تفاصيل مفيدة ومهمة، أكثر المشاهد طرافة وإثارة للسخرية، ولكن هناك مشهد شرط المعارضة أن يتم الاتفاق على مرشح «قبل» التصويت، وذلك في تحد سافر وساخر لمفهوم الانتخاب والديمقراطية نفسها.

يعكس المشهدان، السوري واللبناني، بتناقضهما كل ما هو سيئ في العالم العربي والمنطقة. ولكن هناك بلدا ينهار ويجري اغتياله بجهد داخلي من أبناء البلد نفسه مع استعداد تام لأن تقوم مجموعة غير بسيطة من الأطراف المستفيدة من هذا الوضع البائس الحزين للرقص على الأنــقاض والأشلاء. «خانة اليك»، «عنق الزجاجة»، «الرمق الأخير».. كلها أوصاف لائقة وسليمة وجائزة لوصف الحال السياسي اللبناني. فاليوم فقدت مؤسسات الدولة اســتقلالها وموضـوعيتها تماما، وتم بالتالي توجيهها وتسييسها لصالح أطراف محددة بعينها.

هل سيكتب على لبنان أن يتعرض لدوامة من العنف القريب حتى تحسم المعركة لصالح طرف بعينه فوق الآخر؟ هذا السؤال وجيه وممكن طرحه في ظل «تغييب متعمد» للمؤسسة البرلمانية وإغلاقها (فعليا) بالمفتاح! ويأتي هذا الحديث وسط عودة الوعيد والتهديد بالانقلاب والنزول للشارع، كما ذكر ذلك العماد ميشيل عون «المغرم» الرئاسي الأول. والمشهد اللبناني الأخير في سباق الرئاسة مرشح لأن يكون دراميا وقد يتحول الى دموي، فكل عناصر الحماقة والخبث موجودة على الساحة وتمارس ما هو مطلوب منها وتبقى الضحية دموع الأرز.

[email protected]